للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تَحت الأَرْض مِنْهُم من يقتلني، وَزَاد عَليّ الْفَزع، فَأَقْبَلت أَمْشِي فِي الدَّار، وأدعو، وأسبح، إِلَى أَن كدت أتلف إعياء.

وأنست باستمرار الْوَقْت على السَّلامَة، وحملتني عَيْني، فَنمت، فَلم أحس إِلَّا بالشمس وحرارتها، على وَجْهي، من بَاب الْبَيْت.

فَقُمْت، وَخرجت أَمْشِي وَأَنا عُرْيَان بسروايلي، إِلَى أَن حصلت فِي الْموضع الَّذِي كنت أسْكنهُ.

وَمَا حدثت أحدا بِهَذَا الحَدِيث مُدَّة، لبَقيَّة الْفَزع الَّذِي داخلني مِنْهُم فِي قلبِي.

ثمَّ بعد انْقِضَاء سنة، أَو قريب مِنْهَا، كنت يَوْمًا عِنْد صَاحب الشرطة بنصيبين؛ لصداقة كَانَت بَينه وَبَين أبي، فَمَا لبث أَن حضر من عرفه عثور الطوف على جمَاعَة من اللُّصُوص، بقرية سَمَّاهَا، من قرى نَصِيبين، وَقَبضه على سَبْعَة نفر مِنْهُم، وفوت البَاقِينَ، فَأمر بإحضارهم.

فَوَقع بَصرِي مِنْهُم على ذَلِك الْغُلَام الَّذِي أجارني ذَلِك الْيَوْم، وعَلى أستاذه، ثمَّ على مقبل.

فحين رَأَيْتهمْ أخذتني رعدة تبينت فِي، وَأخذ مقبل، من بَينهم، مثل مَا أَخَذَنِي.

فَقَالَ لي صَاحب الشرطة: مَا لَك؟ فَقلت: إِن حَدِيثي طَوِيل، وَلَعَلَّ الله، تَعَالَى، أَرَادَ بحضوري هَذَا الْمجْلس، سَعَادَة نفر، وشقاوة نفر.

فَقَالَ: هَات.

فأقتصصت عَلَيْهِ قصتي مَعَ الْقَوْم إِلَى آخرهَا، فتعجب، وَقَالَ: هلا شرحتها لي فِيمَا قبل، حَتَّى كنت أطلبهم، وأنتصف لَك مِنْهُم.

<<  <  ج: ص:  >  >>