دَرَاهِم تقبلهَا، وَلَا تردها، وَلَا يضيق بعْدهَا عَنْك شَيْء، فَأخْرج إِلَيّ جرابا مملوءا دَرَاهِم.
فدخلتني أريحية الشَّرَاب، فَقلت: اخترتني على النَّاس للمنادمة، ولسرك، وآخذ على ذَلِك أجرا؟ لَا حَاجَة لي فِي المَال.
فجهد بِي، فَلم آخذه، وَقدم إِلَيّ الْفرس، فركبته، وعدت إِلَى منزلي، وعيالي متطلعون لما أجيء بِهِ، فَأَخْبَرتهمْ بخبري.
وأصبحت نَادِما على فعلي، وَقد ورد عَليّ وعَلى عيالي مَا لم يكن فِي حسابنا، فَمَكثت حينا، لَا يَأْتِي إِلَيّ رَسُول الرجل، إِلَى أَن جَاءَنِي بعد مُدَّة، فصرت إِلَيْهِ، فعاودني بِمثل ذَلِك الْفِعْل، فعاودته بالامتناع، وانصرفت مخفقا، فَأَقْبَلت امْرَأَتي عَليّ باللوم والتوبيخ.
فَقلت لَهَا: أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِن عاودني وَلم آخذ مَا يعطيني.
فَمَكثت مُدَّة أطول من الأوّلة، ثمَّ جَاءَنِي رَسُوله، فَلَمَّا أردْت الرّكُوب؛ قَالَت لي امْرَأَتي: يَا ميشوم، اذكر يَمِينك، وبكاء بناتك، وَسُوء حالك.
فصرت إِلَى الرجل، فَلَمَّا أفضينا إِلَى الشَّرَاب؛ قلت لَهُ: إِنِّي أجد عِلّة تمنعني مِنْهُ، وَإِنَّمَا أردْت أَن يكون رَأْيِي معي.
فَأقبل الرجل يشرب، وَأَنا أحادثه، إِلَى أَن انبلج الْفجْر، فَأخْرج الجراب، وعاودني، فَأَخَذته، فَقبل رَأْسِي، وشكرني على قبُول بره، وَقدم إِلَيّ الْفرس، فَانْصَرَفت عَلَيْهِ، حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى منزلي، فألقيت الجراب.
فَلَمَّا رَآهُ عيالي؛ سجدن لله شكرا، وفتحناه، فَإِذا هُوَ مَمْلُوء دَنَانِير.
فأصلحت مِنْهُ حَالي، واشتريت مركوبا، وثيابا حَسَنَة، وأثاثا، وضيعة، قدرت أَن غَلَّتهَا تفي بِي وبعيالي بعدِي، واستظهرت على زماني بِبَقِيَّة الدَّنَانِير.
وانثال النَّاس عَليّ، يظهرون السرُور بِمَا تجدّد لي، وظنوا أَنِّي كنت غَائِبا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute