للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَقع الواثق، بِخَط مُضْطَرب إِلَى ابْن الزيات بإطلاقهم، وَإِطْلَاق كل من فِي الحبوس، من غير استئمار وَلَا مُرَاجعَة.

فَقَالَ ابْن أبي دؤاد: يتَقَدَّم أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى إيتاخ أَن يمْضِي بالتوقيع، وَلَا يَدعه يعْمل شَيْئا، أَو يُطْلِقهُمْ، وَأَن يحول بَينه وَبَين الْوُصُول إِلَيْك، أَو كتب رقْعَة، أَو اشْتِغَاله بِشَيْء أَلْبَتَّة، إِلَّا بعد إِطْلَاقهم، وَإِن لقِيه فِي الطَّرِيق أنزلهُ عَن دَابَّته، وَأَجْلسهُ على غاشيته فِي الطَّرِيق، حَتَّى يفرغ من ذَلِك.

فَتوجه إيتاخ، فلقي ابْن الزيات رَاكِبًا يُرِيد دَار الْخَلِيفَة.

فَقَالَ لَهُ: تنزل عَن دابتك، وتجلس على غاشيتك.

فارتاع، وَظن أَنه قد وَقع بِهِ الْحَال، فَنزل، وَجلسَ على غاشيته، فأوصل إِلَيْهِ التوقيع، فَامْتنعَ، وَقَالَ: إِذا أطلقت هَؤُلَاءِ فَمن أَيْن أنْفق الْأَمْوَال، وأقيم الأنزال؟ فَقَالَ لَهُ: لَا بُد من ذَلِك.

فَقَالَ: أركب إِلَيْهِ وأستأذنه.

فَقَالَ: مَا إِلَى ذَلِك سَبِيل.

قَالَ: فَدَعْنِي أكاتبه.

قَالَ: وَلَا هَذَا.

قَالَ: فَمَا تَركه يبرح من مَوْضِعه، حَتَّى وَقع بِإِطْلَاق النَّاس.

فَصَارَ إيتاخ إِلَيْنَا، وَنحن فِي الْحَبْس، آيس مَا كُنَّا من الْفرج، وَقد بلغنَا شدَّة عِلّة الواثق، وَأَن قد أرجف لِابْنِهِ بالخلافة، وَكَانَ صَبيا، فخفنا أَن يتم

<<  <  ج: ص:  >  >>