قَالَ: وَكنت مجتازًا عَلَيْهَا بعسكري، فَلَمَّا صرت فِي وسط القنطرة، رَأَيْت امْرَأَة تمشي وَقد حملت ولدا طفْلا فِي القماط، فزحمها بغل فطرحت نَفسهَا على القنطرة، وَسقط الطِّفْل من يَدهَا إِلَى النَّهر، فوصل إِلَى المَاء بعد سَاعَة، لبعد مَا بَين القنطرة وصفحة المَاء، ثمَّ غاص، وَارْتَفَعت الضجة فِي الْعَسْكَر، ثمَّ رَأينَا الصَّبِي قد طفا على وَجه المَاء، وَسلم من تِلْكَ الْحِجَارَة.
وَكَانَ الْموضع كثير العقبان، وَلها أوكار فِي أجراف ذَلِك النَّهر، وَمِنْه يصاد فراخها.
فحين ظهر الطِّفْل فِي قماطه، صَادف ذَلِك عقَابا طائرًا، فَرَآهُ، فَظَنهُ طعمة، فانقض عَلَيْهِ، وَشَبك مخالبه فِي القماط، وطار بِهِ، وَخرج إِلَى الصَّحرَاء.
فطمعت فِي تَخْلِيص الطِّفْل، فَأمرت جمَاعَة أَن يركضوا وَرَاء الْعقَاب، فركضوا، وتتبعت نَفسِي مُشَاهدَة الْحَال، فركضت.
وَإِذا الْعقَاب قد نزل إِلَى الأَرْض، وابتدأ يمزق قماط الصَّبِي ليفترسه، فحين رَأَوْهُ، صاحوا بأجمعهم، وقصدوه، فأدهشوه عَن استلاب الصَّبِي، فطار وَتَركه على الأَرْض.
فلحقنا الصَّبِي، وَإِذا هُوَ سَالم، مَا وصل إِلَيْهِ جرح، وَهُوَ يبكي.
فكببناه، حَتَّى خرج المَاء من جَوْفه، وحملناه إِلَى أمه حَيا، سالما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute