فَقبلت الأَرْض شكرا لله عز وَجل، وكتبت فِي الْحَال إِلَى الْكُوفِي رقْعَة أشكره فِيهَا على جميله، وأعرفه أَنِّي مَا طويت خبري عَنهُ إِلَى الْآن، إِلَّا إشفاقًا عَلَيْهِ من أَن يسْأَل عني، فَيكون مَتى حلف أَنه لَا يعرف خبري، صَادِقا، وَأَن أقل حُقُوق مَا عاملني بِهِ، أَن أعرفهُ مَا يجب أَن يتحرز مِنْهُ، وَذكرت لَهُ مَا ورد من الْخَبَر، وأشرت عَلَيْهِ بالاستتار.
وأنفذت رقعتي إِلَيْهِ بذلك، طي رقعتي إِلَى الْوَكِيل، وأمرته أَن يمْضِي بهَا فِي الْوَقْت إِلَيْهِ.
وَقلت للعجوز: إِذا مضى الْوَكِيل فارجعي أَنْت، وَلَا تقعدي فِي دَار الْوَكِيل.
فَعَادَت، وعرفتني أَن الْوَكِيل توجه إِلَى الْكُوفِي.
فَلَمَّا كَانَ بَين العشاءين من ذَلِك الْيَوْم رَددتهَا إِلَى الْوَكِيل، وَقلت لَهَا: اطرقي بَابه، فَإِن كَانَ فِي بَيته، على حَال سَلامَة فادخلي، وَإِن بَان لَك أَنه معتقل، أَو أَن دَاره مُوكل بهَا، فانصرفي وَلَا تدخلي.
فَعَادَت إِلَيّ برقعة الْوَكِيل، وطيها رقْعَة من أبي عبد الله الْكُوفِي.
وَفِي رقْعَة الْوَكِيل: إِنَّه حِين أوصل الرقعة إِلَى الْكُوفِي، بَان لَهُ فِي وَجهه الِاضْطِرَاب، وَإنَّهُ مَا صلى الْعَصْر فِي ذَلِك الْيَوْم، حَتَّى امْتَلَأَ الْبَلَد بِأَن الْكُوفِي قد استتر، وَأَن بجكم قد حدثت بِهِ حَادِثَة لَا نَدْرِي مَا هِيَ، وَقد عدت بعد الْعَصْر إِلَى دَار الْكُوفِي، فَوَجَدتهَا مغلقة، وَلَيْسَ عَلَيْهَا أحد، وَإِنِّي قد أنفذت جَوَاب الْكُوفِي طي رقعتي.
وقرأت رقْعَة الْكُوفِي، فَإِذا هُوَ يشكرني، وَيَقُول: قد علمت أَن مثلك يَا سَيِّدي لَا يفتعل مثل هَذَا الْخَبَر، وَلَا يضيع مروءته، وَأَن مثله يجوز أَن يكون صَحِيحا، وَقد تشاغل الَّذين مَعَ الْأَمِير بالهرب، عَن أَن يكتبوا لي بالحادث، وَكتب بِهِ من رتبته أَنْت، كَمَا ذكرت فِي رقعتك، فَأوجب الرَّأْي أَن أستظهر لنَفْسي، فَإِن كَانَ الْخَبَر صَحِيحا، وَهُوَ عِنْدِي صَحِيح، فَالرَّأْي معي، وَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute