للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَطلب سعيدًا، فَلم يجده، فَجَلَسَ فِي طلبه، حَتَّى جَاءَ، فَأخذ بلجام دَابَّته، وَقَالَ: أجرني، أجارك الله.

قَالَ: مَالك وَيحك؟ قَالَ: قد نذر أَمِير الْمُؤمنِينَ دمي.

فَقَالَ: أقِم مَكَانك، وَانْصَرف إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَوَجَدَهُ قَائِما يخْطب على الْمِنْبَر.

فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، مَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله، ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا؟ قَالَ: أَن يقتلُوا، أَو يصلبوا، أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف، أَو ينفوا من الأَرْض.

قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِلَّا من تَابَ.

قَالَ: إِلَّا من تَابَ.

قَالَ: فَهَذَا حَارِثَة بن بدر قد جَاءَنَا تَائِبًا، وَقد أجرته.

قَالَ: أَنْت رجل من الْمُسلمين، وَقد أجرنا من أجرته.

ثمَّ قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: أَيهَا النَّاس، إِنِّي كنت قد نذرت دم حَارِثَة بن بدر، فَمن لقِيه فَلَا يعرض لَهُ.

فَانْصَرف إِلَيْهِ سعيد، فَأعلمهُ، وكساه، وَحمله، وَأَجَازَهُ، فَقَالَ فِيهِ حَارِثَة شعرًا:

الله يَجْزِي سعيد الْخَيْر نائلة ... أَعنِي سعيد بن قيس قرم هَمدَان

أنقذني من شفا غبراء مظلمةٍ ... لَوْلَا شَفَاعَته ألبست أكفاني

قَالَت تَمِيم بن مرّ لَا تخاطبه ... وَقد أَبَت ذَلِكُم قيس بن عيلان

قَالَ الْحسن بن الْهَيْثَم: لم يكن يروي الْحسن بن عمَارَة، من هَذَا الشّعْر، غير هَذِه الأبيات، فَأخذت الشّعْر كُله من حَمَّاد الراوية، وَقلت لَهُ: مِمَّن أَخَذته؟

<<  <  ج: ص:  >  >>