للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلم أر لي خيرا من الصَّبْر إنّه ... أعفّ وَأَحْرَى إِذْ عرتني الفواجع

وَمَا أمنَتْ نَفسِي الَّذِي خفت شرّه ... وَلَا طَابَ لي مَا حبّبته الْمضَاجِع

إِلَى أَن بدا لي رَأس إسبيل طالعًا ... وإسبيل حصن لم تنله الْأَصَابِع

فلي عَن ثَقِيف إِن هَمَمْت بنجوةٍ ... مهامه تعفى بينهنّ الهجارع

وَفِي الأَرْض ذَات الْعرض عَنْك ابْن يُوسُف ... إِذا شِئْت منأى لَا أَبَا لَك وَاسع

فَإِن نلتني حجّاج فاشتف جاهدًا ... فإنّ الَّذِي لَا يحفظ الله ضائع

قَالَ: فَطَلَبه الْحجَّاج، فَلم يقدر عَلَيْهِ، ثمَّ طَال على النميري مقَامه هَارِبا، واشتاق إِلَى وَطنه فجَاء حَتَّى وقف على رَأس الْحجَّاج.

فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج: يَا نميري، أَنْت الْقَائِل:

فَإِن نلتني حجّاج فاشتف جاهدًا

فَقَالَ: بل أَنا أَقُول:

أَخَاف من الحجّاج مَا لست خَائفًا ... من الْأسد الْعِرْبَاض لم يثنه ذعر

أَخَاف يَدَيْهِ أَن تنَال مفاصلي ... بأبيض عضبٍ لَيْسَ من دونه ستر

وَأَنا الَّذِي أَقُول:

فها أَنا قد طوّفت شرقًا ومغربًا ... وأبت وَقد دوّخت كلّ مَكَان

فَلَو كَانَت العنقاء عَنْك تطير بِي ... لختلك إِلَّا أَن تصدّ تراني

قَالَ: فَتَبَسَّمَ الْحجَّاج، وأمنه، وَقَالَ: لَا تعاود إِلَى مَا تعلم، وخلى سَبيله

<<  <  ج: ص:  >  >>