للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا قتل الْفضل، قيل لِلْمَأْمُونِ: إِنَّه عرفه من جِهَة إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي، فَطَلَبه، فاستتر.

وَكَانَ إِبْرَاهِيم عرف هَذَا الْخَبَر من جِهَة عبد الْعَزِيز بن عمرَان، وَكَانَ الْفضل قد استكتب إِبْرَاهِيم لعبد الْعَزِيز، فَعلمه مِنْهُ، فَأخْبر الْفضل.

وَتحمل إِبْرَاهِيم بِالنَّاسِ على الْمَأْمُون، وجرد فِي أمره هِشَام الْخَطِيب، الْمَعْرُوف بالعباسي، لِأَنَّهُ كَانَ جريئًا على الْمَأْمُون، وَلِأَنَّهُ رباه، وشخص إِلَى خُرَاسَان، فِي فتْنَة إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي، فَلم يجبهُ إِلَى مَا سَأَلَ.

فَلَقِيَهُ إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس، مستترًا، وَسَأَلَهُ عَمَّا عمل فِي حَاجته؟ فَقَالَ لَهُ هِشَام: قد وَعَدَني فِي أَمرك بِمَا تحب.

فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: أَظن الْأَمر على خلاف هَذَا.

قَالَ: لم؟ قَالَ: لِأَن محلك عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ أجل من أَن يعد مثلك شَيْئا ويؤخره، وَلَكِنَّك سَمِعت فِي مَا لَا تحب، فَكرِهت أَن تغمني بِهِ، فَقلت لي هَذَا القَوْل، فَأحْسن الله، على كل الْأَحْوَال، جزاءك.

فَمضى هِشَام إِلَى الْمَأْمُون، فَعرفهُ خبر إِبْرَاهِيم فَعجب من فطنته، وَعَفا عَنهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>