للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرقت حَالي جدا، حَتَّى بِعْت مَا فِي الْبَيْت عَن آخِره، على قلته.

فَأَصْبَحت يَوْمًا، فَقَالَ لي غلامي: أَي شَيْء نعمل الْيَوْم؟ مَا مَعنا حَاجَة.

فَقلت: خُذ مبطنتي بعها، وأشتر لنا مَا نحتاج إِلَيْهِ.

فَخرج الْغُلَام، وَبقيت فِي الدَّار وحدي، أفكر فِيمَا دفعت إِلَيْهِ من الغربة والوحدة، والعطلة، والضيقة، والشدة، وَتعذر الْمَعيشَة وَالتَّصَرُّف، وَكَيف أصنع، وَمِمَّنْ أقترض، فكاد عَقْلِي أَن يَزُول.

فَبينا أَنا كَذَلِك، وَإِذا بجرذ قد خرج من كوَّة فِي الْبَيْت، وَفِي فَمه دِينَار، فَوَضعه ثمَّ عَاد، فَمَا زَالَ كَذَلِك، حَتَّى أخرج ثَمَانِينَ دِينَارا، فصفها، ثمَّ جعل يتقلب عَلَيْهَا، ويتمرغ، ويلعب.

ثمَّ أَخذ دِينَارا وَدخل إِلَى الكوة، فَخَشِيت إِن تركته أَن يردهَا جَمِيعهَا إِلَى الْموضع الَّذِي أخرجهَا مِنْهُ، فَقُمْت، وَأخذت الدَّنَانِير، وشددتها.

وَجَاء الْغُلَام، وَمَعَهُ مَا قد ابتاعه، فتغدينا، وَقلت لَهُ: خُذ هَذَا الدِّينَار، فابتع لنا فأسًا.

فَقَالَ: مَا نصْنَع بِهِ؟ فَحَدَّثته الحَدِيث، وأريته الدَّنَانِير، وَقلت لَهُ: قد عزمت على أَن أقلع الكوة.

فَفعل مَا أَمرته بِهِ، وأفضى بِنَا الْحفر إِلَى برنية فِيهَا سَبْعَة آلَاف دِينَار.

فأخذتها وأصلحت الْموضع كَمَا كَانَ، وَخرجت إِلَى بَغْدَاد، بعد أَن أخذت بِالْمَالِ سفاتج، وَتركت بعضه معي.

<<  <  ج: ص:  >  >>