للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وساء الظَّن، وَلم يبْق إِلَّا عفوك، أَو انتقامك، وَأَرْجُو أَن يكون أقربهما مني وأسرعهما إِلَيّ، أولاهما بإمامتك، وأشبههما بخلافتك، وَأَنت إِلَى الْعَفو أقرب، وَهُوَ بك أشبه وأليق، ثمَّ تمثل بِهَذِهِ الأبيات:

أرى الْمَوْت بَين السَّيْف والنطع كامنًا ... يلاحظني من حَيْثُمَا أتلفّت

وأكبر ظنّي أنّك الْيَوْم قاتلي ... وأيّ امْرِئ مِمَّا قضى الله يفلت

وَمن ذَا الَّذِي يُدْلِي بعذرٍ وَحجَّة ... وَسيف المنايا بَين عَيْنَيْهِ مصلت

يعزّ على الْأَوْس بن تغلب موقفٌ ... يهزّ عليّ السَّيْف فِيهِ وأسكت

وَمَا جزعي من أَن أَمُوت وإنّني ... لأعْلم أنّ الْمَوْت شَيْء موقّت

ولكنّ خَلْفي صبية قد تَركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتّت

كأنّي أَرَاهُم حِين أنعى إِلَيْهِم ... وَقد خمشوا حرّ الْوُجُوه وصوّتوا

فَإِن عِشْت عاشوا سَالِمين بغبطة ... أذود الْأَذَى عَنْهُم وَإِن متّ موّتوا

فكم قَائِل لَا يبعد الله دَاره ... وَآخر جذلان يسرّ ويشمت

قَالَ: فَتَبَسَّمَ المعتصم، ثمَّ قَالَ: أَقُول كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «إِن من الْبَيَان لسحرًا» .

ثمَّ قَالَ: يَا تَمِيم كَاد وَالله أَن يسْبق السَّيْف العذل، اذْهَبْ، فقد غفرت لَك الهفوة، وتركتك للصبية، ووهبتك لله ولصبيتك.

ثمَّ أَمر بفك قيوده، وخلع عَلَيْهِ، وَعقد لَهُ على ولَايَة على شاطئ الْفُرَات، وَأَعْطَاهُ خمسين ألف دِينَار.

<<  <  ج: ص:  >  >>