للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ، إِلَى أَن أجَاب، وَهُوَ يضْحك مني، وَيَقُول: أَي شَيْء ينفع هَذَا، وَهُوَ يقتل؟ قَالَ: وأنفذت من أحضر الْجَمِيع بِسُرْعَة، واستدعيت الْفَتى، فَجَلَسَ يَأْكُل غير مكترث بِالْحَال، والسياف قَائِم، وَالْقَوْم يقدمُونَ، فَتضْرب أَعْنَاقهم.

فَقلت: يَا فَتى، أَرَاك تَأْكُل بِسُكُون، وَقلة فكر.

فَأخذ قشة من الأَرْض، فَرمى بهَا، رَافعا يَده، وَقَالَ وَهُوَ يضْحك: يَا هَذَا، إِلَى أَن تسْقط هَذِه إِلَى الأَرْض مائَة فرج.

قَالَ: فوَاللَّه، مَا استتم كَلَامه، حَتَّى وَقعت صَيْحَة عَظِيمَة، وَقيل: قد قتل نازوك.

وأغارت الْعَامَّة على الْموضع، فَوَثَبُوا بِصَاحِب الْمجْلس، وكسروا بَاب الْحَبْس، وَخرج جَمِيع من كَانَ فِيهِ.

فاشتغلت أَنا عَن الْفَتى، وَجَمِيع الْأَشْيَاء، بنفسي، حَتَّى ركبت دَابَّتي مهرولًا، وصرت إِلَى الجسر، أُرِيد منزلي.

فوَاللَّه، مَا توسطت الطَّرِيق، حَتَّى أحسست بِإِنْسَان قد قبض على إصبعي بِرِفْق، وَقَالَ: يَا هَذَا، ظننا بِاللَّه، عز وَجل، أجمل من ظَنك، فَكيف رَأَيْت لطيف صنعه.

فَالْتَفت، فَإِذا الْفَتى بِعَيْنِه، فهنأته بالسلامة، فَأخذ يشكرني على مَا فعلته، وَحَال النَّاس والزحام بَيْننَا، وَكَانَ آخر عهدي بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>