للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ الْخَارِجِي: قل لفيل الْملك يتَنَحَّى عَن طريقي.

فَغَضب الفيال، وأغرى الْفِيل بِكَلَام كَلمه بِهِ، فَغَضب الْفِيل، وَعمد إِلَى الْخَارِجِي فلف خرطومه عَلَيْهِ، فَقبض الْخَارِجِي بِيَدِهِ على الخرطوم.

وشاله الْفِيل إشالة عَظِيمَة وَالنَّاس يرَوْنَ، وَأَنا فيهم، وخبط بِهِ الأَرْض، فَإِذا بِهِ قد انتصب قَائِما على قَدَمَيْهِ فَوق الأَرْض وَلم ينح يَده عَن الخرطوم.

فَزَاد غضب الْفِيل، فأشاله أعظم من تِلْكَ وَعدا ثمَّ رمى بِهِ الأَرْض، فَإِذا هُوَ قد حصل عَلَيْهَا مستويًا على قَدَمَيْهِ منتصبًا قَابِضا على الخرطوم.

وَسقط الْفِيل كالجبل الْعَظِيم مَيتا، لِأَن قَبضه على الخرطوم تِلْكَ الْمدَّة مَنعه من التنفس فَقتله.

قَالَ: فَوكل بِهِ، وَحمل إِلَى الْملك، وَحدث بالصورة، فَأمر بقتْله.

فَاجْتمع القحاب، وَهن النِّسَاء الفواجر، يفعلن ذَلِك بِالْهِنْدِ ظَاهرا عِنْد البد، تقربًا إِلَى الله بذلك عِنْدهم.

قَالَ: وَهن الْعُدُول هُنَاكَ، يشهدن فِي الْحُقُوق، ويقمن الشَّهَادَة، فَيقطع بهَا حاكمهم فِي سَائِر الْأُمُور، وَعِنْدهم إنَّهُنَّ لما كن يبذلن أَنْفسهنَّ عِنْد البد بِغَيْر أجر، صرن فِي حكم الزهاد والعباد.

فَقَالَ القحاب للْملك: يجب أَن تستبقي مثل هَذَا الرجل فَلَا يقتل، فَإِن فِيهِ جمالًا للْملك، وَيُقَال: إِن للْملك خَادِمًا قتل الْفِيل الْعَظِيم بقوته وحيلته، من غير سلَاح.

فَعَفَا عَنهُ الْملك، وخلع عَلَيْهِ، واستخدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>