فاجتمعا، فصاحا، فجاءهما عدَّة من السبَاع، وطفروا، فَمَا قدرُوا علينا، فَلم يزَالُوا كَذَلِك حَتَّى اجْتمع بضعَة عشر سبعا، وَكلما جَاءَ وَاحِد حاول أَن يطفر إِلَيْنَا فَلَا يبلغنَا، وَنحن كالموتى خوفًا أَن يصل إِلَيْنَا وَاحِد مِنْهُم.
فينما نَحن كَذَلِك إِذْ اجْتمعت السبَاع كلهَا كالحلقة، وَجعلت أفواهها فِي الأَرْض، وصاحت صَيْحَة وَاحِدَة، فَرَأَيْنَا حُفْرَة قد احتفرت فِي التُّرَاب من أنفاسها.
فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَة حَتَّى جَاءَ سبع أسود هزيل، منجرد الشّعْر، لطيف.
فَلَقِيته السبَاع كلهَا، وبصبصت بَين يَدَيْهِ، وَحَوله، وَجَاء يقدمهَا وَهِي خَلفه حَتَّى رآنا فِي الغرفة، وَرَأى الْموضع، ثمَّ جمع نَفسه، فَإِذا هُوَ فِي الصحن، بَين يَدي الغرفة.
وَكُنَّا قد أغلقنا الْبَاب، فَاجْتَمَعْنَا كلنا خَلفه لندافعه عَن الدُّخُول.
فَلم يزل يدْفع الْبَاب بمؤخره حَتَّى كسر بعض ألواحه وَأدْخل عَجزه إِلَيْنَا.
فَعمد أَحَدنَا إِلَى ذَنبه فَقَطعه بمنجل كَانَ مَعنا.
فصاح صَيْحَة مُنكرَة وهرب، وَرمى بِنَفسِهِ إِلَى الأَرْض، فَلم يزل يخمش السبَاع وينهشها ويقطعها بمخالبه، حَتَّى قتل مِنْهَا غير وَاحِد.
وتهاربت السبَاع الْبَاقِيَة من بَين يَدَيْهِ، وهام فِي الصَّحرَاء يتبع أَثَرهَا، ونزلنا نَحن لما لم يبْق مِنْهَا شَيْء، فلحقنا بالقرية، وخبرناهم خبرنَا.
فَقَالَ لنا شيخ مِنْهُم: هَذَا السَّبع مثل الجرذ الْعَتِيق، إِذا قطع ذَنبه أكل الفار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute