فَدخل إِلَى يَوْمًا: وَبِيَدِي الْمُصحف، وَأَنا أَقرَأ، فتركته، وَأخذت أحادثه.
فَقَالَ: أَيهَا الْأَمِير، أَعْطِنِي الْمُصحف لأتفاءل لَك بِهِ، فَلم أجبه بِشَيْء.
فَأخذ الْمُصحف، ففتحه، فَكَانَ فِي أول سطر مِنْهُ: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الْأَعْرَاف: ١٢٩] ، فاسود وَجهه، واربد، وخلط الْوَرق.
وفتحه الثَّانِيَة، فَخرج {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [الْقَصَص: ٥] إِلَى قَوْله: {يَحْذَرُونَ} [الْقَصَص: ٦] ، فازداد قلقا واضطرابا.
وفتحه الثَّالِث: فَخرج {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النُّور: ٥٥] .
فَوضع الْمُصحف من يَده، وَقَالَ: أَيهَا الْأَمِير، أَنْت وَالله الْخَلِيفَة، بِغَيْر شكّ، فَمَا حق بشارتي؟ فَقلت: الله، الله، فِي أَمْرِي، احقن دمي، أسأَل الله أَن يبقي أَمِير الْمُؤمنِينَ، والأمير النَّاصِر، وَمَا أَنا وَهَذَا؟ وَمثلك فِي عقلك، لَا يُطلق مثل هَذَا القَوْل بِمثل هَذَا الِاتِّفَاق، فَأمْسك عني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute