للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلم يزل يجرني على الشوك وَالْحِجَارَة، إِلَى أَن صَار بِي إِلَى أجمته، وَأَنا لَا أَعقل شَيْئا من أَمْرِي، وَلَا أحس بِأَكْثَرَ مَا يجْرِي، وَلَا تَمْيِيز لي يُؤَدِّي بِي إِلَى الِاجْتِهَاد فِي حل الْحَبل من رجْلي.

ثمَّ رمى بالأسود، وربض عَلَيْهِ، وَمَا زَالَ يَأْكُل مِنْهُ، حَتَّى شبع، وَترك مَا فضل مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي من حس الْحَيَاة غير النّظر فَقَط، ثمَّ مضى، فَنَامَ بِالْقربِ من مَكَاننَا.

وَبقيت زَمَانا على تِلْكَ الْحَال، ثمَّ سكن روعي، وَرجعت إِلَيّ نَفسِي، لطول مكث الْأسد فِي نَومه، فحللت رجْلي من الْحَبل، وَقمت أدب، فَعَثَرَتْ بِشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَأَخَذته، فَإِذا هميان ثقيل، فشددته على وسطي، وَخرجت من الأجمة، وَقد قَارب الصُّبْح أَن يسفر.

وصرت إِلَى الْقبَّة الَّتِي فِيهَا دَابَّتي، فَإِذا هِيَ واقفة بِحَالِهَا، فأخرجتها، وركبتها، وانصرفت إِلَى منزلي، وَفتحت الْهِمْيَان، فَوجدت فِيهِ جملَة دَنَانِير.

فحمدت الله تَعَالَى على السَّلامَة وَبَقِي الرعب فِي قلبِي، والتألم فِي بدني، مُدَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>