للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلم تنجع، فأيسوا مِنْهُ، وَقَالُوا: لَا حِيلَة لنا فِي برئه.

فَلَمَّا سمع العليل ذَلِك، قَالَ لمن مَعَه: دَعونِي الْآن أتزود من الدُّنْيَا، وآكل مَا أشتهي، وَلَا تقتلوني قبل أَجلي بالحمية.

فَقَالُوا: كل مَا تُرِيدُ.

فَكَانَ يجلس على دكان بِبَاب الدَّار، وَمهما رأى مَا يجتاز بِهِ على الطَّرِيق، شراه، وَأكله.

فَمر بِهِ رجل يَبِيع جَرَادًا مطبوخًا، فَاشْترى مِنْهُ عشرَة أَرْطَال، وأكلها بأسرها.

فَلَمَّا كَانَ بعد سَاعَة، انحل طبعه، وتواتر قِيَامه، حَتَّى قَامَ فِي ثَلَاثَة أَيَّام أَكثر من ثلث مائَة مجْلِس، وَضعف، وَكَاد يتْلف.

ثمَّ انْقَطع الْقيام، وَقد زَالَ كل مَا فِي جَوْفه، وعادت بَطْنه إِلَى حَالهَا فِي الصِّحَّة، وثابت إِلَيْهِ قوته، وَبرئ.

فَخرج برجليه فِي الْيَوْم الْخَامِس، يتَصَرَّف فِي حَوَائِجه، فَرَآهُ أحد الطِّبّ، فَعجب من أمره، وَسَأَلَهُ عَن الْخَبَر، فَعرفهُ.

فَقَالَ: لَيْسَ من شَأْن الْجَرَاد أَن يفعل هَذَا، وَلَا بُد أَن يكون فِي الْجَرَاد الَّذِي فعل هَذَا خاصية، فَأحب أَن تدلني على الَّذِي باعك الْجَرَاد، فَلم يزَالُوا فِي طلبه حَتَّى وجدوه.

فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب: من أَيْن لَك هَذَا الْجَرَاد؟ فَقَالَ: أَنا أصيده، وَأجْمع مِنْهُ شَيْئا كثيرا، وأطبخه، وأبيعه.

فَقَالَ: من أَيْن تصيده؟ فَذكر قَرْيَة بِالْقربِ من بَغْدَاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>