للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذا أكلت مِنْهَا شَيْئا أَن أتلف فَأَسْتَرِيح مِمَّا أَنا فِيهِ.

فَقلت لبَعْضهِم: أَطْعمنِي من هَذِه الْحَيَّات، فَرمى إِلَيّ وَاحِدَة مِنْهَا مشوية، فِيهَا أَرْطَال، فَأَكَلتهَا بأسرها، وأمعنت، طلبا للْمَوْت، فأخذني نوم عَظِيم، فانتبهت وَقد عرقت عرقًا عَظِيما، فاندفعت طبيعتي، فَقُمْت فِي بَقِيَّة يومي وليلتي أَكثر من مائَة مجْلِس، إِلَى أَن سَقَطت طريحًا وجوفي يجْرِي.

فَقلت: هَذَا طَرِيق الْمَوْت، فَأَقْبَلت أَتَشهد، وأدعو الله تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة.

فَلَمَّا أَضَاء الصُّبْح، تَأَمَّلت بَطْني، فَإِذا هِيَ قد ضمرت جدا، وَزَالَ عَنْهَا مَا كَانَ بهَا، فَقلت: أَي شَيْء يَنْفَعنِي هَذَا، وَأَنا ميت؟ فَلَمَّا أضحى النَّهَار، انْقَطع الْقيام، وَوَجَبَت صَلَاة الظّهْر، فَلم أحس بِقِيَام، وجعت، فَجئْت لأزحف على الْعَادة، فَوجدت بدني خَفِيفا، وقوتي صَالِحَة، فتحاملت ومشيت، وَطلبت مِنْهُم مَأْكُولا فأطعموني، وقويت، وَبت فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة معافى لَا أنكر شَيْئا من أَمْرِي.

فأقمت أَيَّامًا، إِلَى أَن وثقت من نَفسِي بِأَنِّي إِن مشيت نجوت، فَأخذت الطَّرِيق مَعَ بَعضهم، إِلَى أَن صرت على المحجة، ثمَّ سلكتها، منزلا، منزلا، إِلَى الْكُوفَة مشيًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>