للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحسن، سَأَلت دعبلًا عَن: مدارس آيَات , فَذكر أَنه لَا يعرفهَا.

فَالْتَفت إِلَيّ أَبُو الْحسن، وَقَالَ: أنْشدهُ يَا دعبل.

فأنشدت القصيدة، وَلم يُنكر الْمَأْمُون ذَلِك، إِلَى أَن بلغت إِلَى بَيت فِيهَا، وَهُوَ:

وَآل رَسُول الله هلبٌ رقابهم ... وَآل زِيَاد غلّظ القصرات

فَقَالَ: وَالله لأهلبنها.

ثمَّ تممتها إِلَى آخرهَا، فاستحسنها، وَأمر لي بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم، وَأمر لي عَليّ بن مُوسَى بقريب مِنْهَا.

فَقلت: يَا سَيِّدي، أُرِيد أَن تهب لي ثوبا يَلِي بدنك، أتبرك بِهِ، وأجعله كفنًا.

فوهب لي قَمِيصًا قد ابتذله، ومنشفة، وَأَظنهُ قَالَ: وَسَرَاويل.

قَالَ: ووصلني ذُو الرئاستين، وحملني على برذون أصفر، وَكنت أسايره فِي يَوْم مطير، وَعَلِيهِ ممطر خَز، فَأمر لي بِهِ، ودعا بِغَيْرِهِ فلبسه، وَقَالَ: إِنِّي آثرتك بِهِ، لِأَنَّهُ خير الممطرين، قَالَ: فَأعْطيت بِهِ ثَمَانِينَ دِينَارا، فَلم تطب نَفسِي بِبيعِهِ.

وقضيت حَاجَتي، وكررت رَاجعا إِلَى الْعرَاق.

فَلَمَّا صرت بِبَعْض الطَّرِيق، خرج علينا أكراد يعْرفُونَ بالماريخان، فسلبوني، وسلبوا الْقَافِلَة، وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم مطير.

فاعتزلت فِي قَمِيص خلق قد بَقِي عَليّ، وَأَنا متأسف، من جَمِيع مَا كَانَ عَليّ، على الْقَمِيص والمنشفة اللَّذين وهبهما لي عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا، إِذْ مر بِي وَاحِد من

<<  <  ج: ص:  >  >>