ومضيت إِلَى الصَّانِع الَّذِي ابتعت مِنْهُ القفل، فَقلت: جَاءَك إِنْسَان مُنْذُ أَيَّام، وَاشْترى مِنْك مثل هَذَا القفل؟ قَالَ: نعم، رجل من صفته كَيْت وَكَيْت، فَأَعْطَانِي صفة صَاحِبي.
فَعلمت أَنه احتال على الْغُلَام وَقت الْمسَاء، لما انصرفت أَنا، وَمضى الْغُلَام يحمل الدرابات، فَدخل هُوَ إِلَى الدّكان، فَاخْتَبَأَ فِيهِ، وَمَعَهُ مِفْتَاح القفل الَّذِي اشْتَرَاهُ، وَالَّذِي يَقع على قفلي، وَأَنه أَخذ الدَّرَاهِم، وَجلسَ طول ليلته خلف الدرابات.
فَلَمَّا جَاءَ الْغُلَام، وَفتح درابتين، وَحملهَا ليرفعها، خرج، وَأَنه مَا فعل ذَلِك، إِلَّا وَقد خرج إِلَى بَغْدَاد.
فَسلمت دكاني إِلَى الْغُلَام، وَقلت لَهُ: من سَأَلَ عني فَعرفهُ أَنِّي خرجت إِلَى ضيعتي.
قَالَ: فَخرجت، وَمَعِي قفلي ومفتاحه، وَقلت: أبتدئ بِطَلَب الرجل بواسط.
فَلَمَّا صعدت من السميرية، طلبت خَانا فِي الكتبيين بواسط، لأنزله، فأرشدت إِلَيْهِ، فَصَعدت، فَإِذا بقفل مثل قفلي سَوَاء على بَيت.
فَقلت لقيم الخان: هَذَا الْبَيْت من ينزله؟ فَقَالَ: رجل قدم من الْبَصْرَة أمس.
فَقلت: أَي شَيْء صفته؟ فوصف لي صفة صَاحِبي، فَلم أَشك أَنه هُوَ، وَأَن الدَّرَاهِم فِي بَيته.
فاكتريت بَيْتا إِلَى جَانِبه، ورصدت الْبَيْت، حَتَّى انْصَرف قيم الخان، وَقمت ففتحت القفل بمفتاحي، فحين دخلت الْبَيْت، وجدت كيسي بِعَيْنِه، فَأَخَذته،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute