للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرد يَدي بِسُرْعَة من قبل أَن يفطنوا بِي.

قَالَ: فلمحتني امْرَأَة قَائِمَة، فَأخْبرت سيدتها بخبري، وَكَانَت صَاحِبَة الْبناء، وَقَالَت: لَا بُد أَن يكون هَذَا من أَوْلَاد الْمُلُوك.

قَالَ: فَلَمَّا انْقَضى النَّهَار، وَانْصَرف الصناع، فَأَرَدْت الِانْصِرَاف مَعَهم.

تقدّمت إِلَى الْقيم أَن يحبسني عَن الْمُضِيّ مَعَ الصناع، فاحتبسني.

فجاءتني بالدهن وَالْعُرُوق لأغتسل بهما، وَهَذَا مُقَدّمَة إكرامهم، وَسنة لعظمائهم، فتغسلت بذلك، وجاءوني بالأرز وَالسمن وَالسكر، فطعمت، وَعرضت الْمَرْأَة عَليّ نَفسهَا بِالتَّزْوِيجِ، فأجبت، وعقدت العقد، وَدخلت بهَا من لَيْلَتي، وأقمت مَعهَا أَربع سِنِين، تُعْطِينِي من مَالهَا، وتنفق عَليّ، وَكَانَت لَهَا نعْمَة.

فَأَنا ذَات يَوْم جَالس على بَاب دارها، وَإِذا بِرَجُل من بلدي، فاستدعيته، فجَاء، فَقلت لَهُ: من أَيْن أَنْت؟ فَقَالَ: من بلد كَذَا وَكَذَا، فَذكر بلدي.

فَقلت: مَا جِئْت تصنع هَاهُنَا؟ قَالَ: كَانَ فِينَا ملك، حسن السِّيرَة، فَمَاتَ، فَوَثَبَ على ملكه رجل لَيْسَ من أهل المملكة، وَكَانَ للْملك الأول ابْن يصلح للْملك، فخاف على نَفسه فهرب، وَإِن الْملك المتغيب أَسَاءَ عشرَة الرّعية، فوثبنا عَلَيْهِ فقتلناه، وانتشرنا فِي الْبِلَاد نطلب ابْن الْملك المتوفي، لنجلسه مَكَان أَبِيه، فَمَا عرفنَا لَهُ خَبرا.

فَقلت: أتعرفني؟ قَالَ: لَا.

قلت: أَنا طلبتكم.

قَالَ: وأعطيته العلامات، فَعلم صِحَة مَا قلته لَهُ، فَكفر لي.

<<  <  ج: ص:  >  >>