للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ بوابي: من هَذَا؟ قَالُوا: خدم من دَار الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ.

فَقُمْت، وَلم أَشك أَن حَدِيثي قد اتَّصل بِهِ فَأنكرهُ، وَقَالَ: مثل هَذَا لَا يصلح أَن يكون كَاتبا لحُرْمَة، وَلَا مُدبرا أَمر غُلَام حدث، وَقد أَمر بِالْقَبْضِ عَليّ.

فَقُمْت أَمْشِي لأخرج من بَاب آخر كَانَ لي، وأستتر، فَإِذا الخدم قد دخلُوا، وَمَعَهُمْ بغلة عَلَيْهَا عمارية، وشموع، وَإِذا قد أنزلوا من العمارية جاريتين، إِحْدَاهمَا عشيقتي، فبهت.

فَقَالَ لي أحد الخدم، وَهُوَ كالرئيس عَلَيْهِم: مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يُقْرِئك السَّلَام، وَيَقُول: عرفت خبرك مَعَ الْجَارِيَة فِي هَذِه السَّاعَة، فرحمتك، وَقد وهبتها لَك مَعَ جَمِيع مَالهَا، وَتركهَا الْخَادِم وَمضى.

وَدخلت مَعهَا عدَّة أحمال عَلَيْهَا الأثقال من صنوف الثِّيَاب، والفرش، والآلات، والقماش، وعدة جوَار، وَتركُوا ذَلِك عِنْدِي، وَانْصَرفُوا.

فَأخذت بيد معشوقتي، وأدخلتها الْمجْلس، فَلَمَّا رَأَتْ الشَّرَاب والمجلس معبأ، قَالَت: سلوت عني، وشربت بعدِي.

فَحَلَفت لَهَا أَنِّي مَا شربت نبيذًا مُنْذُ فارقتها إِلَّا فِي هَذَا الْيَوْم، وحدثتها حَدِيثي بِطُولِهِ.

وَقلت لَهَا: مَا السَّبَب فِي مجيئك؟ وَمَا جرى؟ فَقَالَ: اعْلَم أَن الْخَلِيفَة لم يرني، مُنْذُ اعترضني وَأمر بشرائي، إِلَّا اللَّيْلَة، وَكَانَ قد اتَّصل مزح السيدة معي، فَإِنَّهَا كَانَت استدعتني مُنْذُ مُدَّة، وَسَأَلتنِي عَن خبري مَعَك، فَأَخْبَرتهَا.

ثمَّ قَالَت: هَل تحبينه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>