وأطلت عَلَيْهِ النكد، ثمَّ أهويت لآخذه، وأهوى ليضعه، فاختلفت أَيْدِينَا، فانكفأ الْقدح.
فَقَالَ: إِن هَذَا لطماح مفرط، وَضرب بِيَدِهِ إِلَى سَوْطه، ثمَّ تناولني بِهِ، وَضرب ظَهْري، فَجَاءَت أمه، وَأُخْته، فانتزعوني من يَده، بعد أَن زَالَ عَقْلِي، وهممت أَن أجأه بالسكين.
فَلَمَّا خَرجُوا من عِنْدِي، لم ألبث إِلَّا يَسِيرا، حَتَّى دخلت أم جيداء، تؤنبني، وتكلمني، فلزمت الصمت والبكاء.
فَقَالَت: يَا بنية، اتقِي الله، وأطيعي بعلك، وَأما الأشتر فَلَا سَبِيل لَك إِلَيْهِ، وَهَا أَنا أبْعث إِلَيْك بأختك لتؤنسك، وَمَضَت.
ثمَّ بعثت إِلَيّ بالجارية، فَجعلت تكلمني، وَتَدْعُو على من ضَرَبَنِي، وَأَنا سَاكِت، ثمَّ اضطجعت إِلَى جَانِبي.
فشددت يَدي على فمها، وَقلت: يَا جَارِيَة، إِن أختك مَعَ الأشتر، وَقد قطع ظَهْري بِسَبَبِهَا، وَأَنت أولى بسترها مني، وَإِن تَكَلَّمت بِكَلِمَة فضحتها، وَأَنا لست أُبَالِي.
فاهتزت مثل الْقَضِيب فَزعًا، فطمنتها، وطيبت قَلبهَا، فَضَحكت، وَبَات معي مِنْهَا أظرف النَّاس، وَلم نزل نتحدث حَتَّى برق الصُّبْح، فَخرجت، وَجئْت إِلَى صَاحِبي.
فَقَالَت جيداء: مَا الْخَبَر؟ فَقلت: سَلِي أختك عَن الْخَبَر، فلعمري إِنَّهَا عَالِمَة بِهِ، وَدفعت إِلَيْهَا ثِيَابهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute