للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَلَست يومي لَا أرى من أعرف، وخدم يدْخلُونَ وَيخرجُونَ، وَطَعَام عَظِيم ينْقل، وهم يَقُولُونَ: اللَّيْلَة تزف فُلَانَة، اسْم زَوْجَتي، إِلَى زَوجهَا، هَاهُنَا.

فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْل أثر الْجُوع فِي، وأقفلت الْأَبْوَاب، وأيست من الْجَارِيَة، فَبَقيت أَطُوف فِي الدَّار، إِلَى أَن وَقعت على المطبخ، فَإِذا قوم طباخون جُلُوس، فاستطعمت مِنْهُم، فَلم يعرفوني، وظنوا أَنِّي بعض الوكلاء، فقدموا إِلَيّ زيرباجة، فَأكلت مِنْهَا، وغسلت يَدي بأشنان كَانَ فِي المطبخ، وَأَنا مستعجل لِئَلَّا يفْطن بِي، وظننت أَنِّي قد نقيت من رِيحهَا، وعدت إِلَى مَكَاني.

فَلَمَّا انتصف اللَّيْل إِذا بطبول، وزمور، والأبواب تفتح، وصاحبتي قد أهديت إِلَيّ، وَجَاءُوا بهَا فجلوها عَليّ، وَأَنا أقدر أَن ذَلِك فِي النّوم، وَلَا أصدق فَرحا بِهِ، وَقد كَادَت مرارتي تَنْشَق فَرحا وسرورًا، ثمَّ خلوت بهَا، وَانْصَرف النَّاس.

فحين تقدّمت إِلَيْهَا وقبلتها، رفستني فرمت بِي عَن المنصة، وَقَالَت: أنْكرت أَن تفلح يَا عَامي، أَو تصلح يَا سفلَة، وَقَامَت لتخرج.

فتعلقت بهَا، وَقبلت يَديهَا ورجليها، وَقلت: عرفيني ذَنبي، واعملي بعده مَا شِئْت.

<<  <  ج: ص:  >  >>