كَانَ منزل فِي ظَاهر الْمَدِينَة لذريح، وَهُوَ أَبُو قيس، وَكَانَ هُوَ وَأَبوهُ من حَاضِرَة الْمَدِينَة.
فَمر قيس فِي بعض حَوَائِجه، ذَات يَوْم، بحي من بني كَعْب بن خُزَاعَة، والحي خلوف، فَوقف على خباء لبنى بنت الْحباب الْكَعْبِيَّة، واستسقى مَاء، فسقته، وَخرجت إِلَيْهِ بِهِ، وَكَانَت امْرَأَة مديدة الْقَامَة، شهلاء، حلوة المنظر وَالْكَلَام، فَلَمَّا رَآهَا وَقعت فِي نَفسه، وَشرب من المَاء.
فَقَالَت لَهُ: أتنزل عندنَا؟ قَالَ: نعم، فَنزل بهم، وَجَاء أَبوهَا، فَنحر لَهُ وأكرمه.
وَانْصَرف قيس، وَفِي قلبه من لبنى حر لَا يطفأ، فَجعل ينْطق بالشعر فِيهَا حَتَّى شاع خَبره، وَرُوِيَ شعره فِيهَا.
وأتاها يَوْمًا آخر، وَقد اشْتَدَّ وجده بهَا، فَسلم، فظهرت لَهُ، وَردت سَلَامه، ورحبت بِهِ، فَشكى إِلَيْهَا مَا يجد بهَا، وَمَا يلقى من حبها، فَبَكَتْ وَشَكتْ إِلَيْهِ مثل ذَلِك، فَعرف كل وَاحِد مِنْهُمَا، مَا لَهُ عِنْد صَاحبه.
ثمَّ انْصَرف إِلَى أَبِيه، فَأعلمهُ بِحَالهِ، وَسَأَلَهُ أَن يُزَوجهُ إِيَّاهَا، فَأبى عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا بني عَلَيْك بِإِحْدَى بَنَات عمك، فهن أَحَق بك، وَكَانَ ذريح كثير المَال، وَأحب أَن لَا يخرج مَاله إِلَى غَرِيبَة.
فَانْصَرف قيس، وَقد سَاءَهُ مَا خاطبه بِهِ أَبوهُ، فَأتى أمه وشكى ذَلِك إِلَيْهَا، واستعان بهَا على أَبِيه، فَلم يجد عِنْدهَا مَا يحب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute