للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَئِن كَانَت عديّة ذَات لبّ ... لقد علمت بِأَن الحبّ دَاء

ألم تنظر إِلَى تَغْيِير جسمي ... وأنّي لَا يفارقني الْبكاء

وأنّي لَو تكلّفني سواهَا ... لخفّ الْكَلم وانكشف الغطاء

وأنّ معاشري وَرِجَال قومِي ... حتوفهم الصبابة والّلقاء

إِذا العذريّ مَاتَ خليّ ذرعٍ ... فَذَاك العَبْد يبكيه الرشاء

فَقلت: يَا أَبَا المسهر، إِنَّهَا سَاعَة تضرب إِلَيْهَا أكباد الْإِبِل من شَرق الأَرْض وغربها، فَلَو دَعَوْت الله تَعَالَى، كنت مؤملًا لَك أَن تظفر بحاجتك.

قَالَ: فتركني، وَأَقْبل على الدُّعَاء، فَلَمَّا تدلت الشَّمْس للغروب، وهم النَّاس أَن يفيضوا، سمعته يتَكَلَّم بِشَيْء، فأصغيت إِلَيْهِ، فَإِذا هُوَ يَقُول:

يَا ربّ كلّ غدْوَة وروحة ... من محرمٍ يشكو الضنا ولوحه

أَنْت حسيب الْخطب يَوْم الدوحة فَقلت: وَمَا يَوْم الدوحة؟ فَقَالَ: وَالله لأخبرنك وَلَو لم تَسْأَلنِي، ثمَّ أقبل عَليّ، وَقَالَ: أَنا رجل ذُو مَال من نعم وَشاء، وَذُو المَال لَا يصدره القل، وَلَا يرويهِ الثماد.

وَأَنِّي خشيت عَام أول على مَالِي التّلف، وقطر الْغَيْث أَرض كلب، فانتجعت أخوالًا لي مِنْهُم، فأوسعوا لي عَن صدر الْمجْلس، وسقوني جمة المَاء، وَكنت مَعَهم فِي خير أخوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>