تَأْوِيل وَلَا شُبْهَة، سوى مَا أَخذه بِحَق بَيت المَال، وظلم فِيهِ أَيْضا، فتظلمت إِلَيْهِ، وكلمته، فَلم يَنْفَعنِي مَعَه شَيْء، وَكَانَ الْكر الْأرز بِالنِّصْفِ، إِذْ ذَاك، بِثَلَاثِينَ دِينَارا.
فَقلت لَهُ: قد أَخذ مني سَيِّدي مَا أَخذ، وَالله، مَا أهتدي أَنا وعيالي، إِلَى مَا سوى ذَلِك، وَمَا لي مَا أقوتهم بِهِ بَاقِي سنتي، وَلَا مَا أعمر بِهِ ضيعتي، وَقد طابت نَفسِي أَن تطلق لي من جملَته عشرَة أكرار، وجعلتك من الْبَاقِي فِي حل.
فَقَالَ: مَا إِلَى هَذَا سَبِيل.
فَقلت: فخمسة أكرار.
فَقَالَ: لَا أفعل.
فَبَكَيْت، وَقبلت يَده، ورققته، وَقلت: هَب لي ثَلَاثَة أكرار، وَتصدق عَليّ بهَا، وَأَنت من الْجَمِيع فِي حل.
فَقَالَ: لَا وَالله، وَلَا أرزة وَاحِدَة.
فتحيرت، وَقلت: فَإِنِّي أتظلم مِنْك إِلَى الله تَعَالَى.
فَقَالَ لي: كن على الظلامة، يكررها دفعات، وَيكسر الْمِيم، بِلِسَان أهل الْكُوفَة.
فَانْصَرَفت منكسر الْقلب، مُنْقَطع الرَّجَاء، فَجمعت عيالي، وَمن زلنا نَدْعُو عَلَيْهِ ليَالِي كَثِيرَة، فهرب من وَاسِط فِي اللَّيْلَة الْحَادِيَة عشرَة من أَخذه الْأرز، فَجئْت إِلَى البيدر، والأرز مطروح، فَأَخَذته، وَحَمَلته إِلَى منزلي، وَمَا عَاد الْكُوفِي بعْدهَا إِلَى وَاسِط، وَلَا أَفْلح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute