للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا أنصف الرجل.

وامتدت محنة الرجل شهورا، ورحل مُحَمَّد بن الْعَبَّاس إِلَى الأهواز، للنَّظَر فِي أَبْوَاب المَال، وَتَقْرِير أَمر الْعمَّال، وأقمت أَنا بِبَغْدَاد، لِأَنَّهُ لم يكن أنصفني، وَلَا طمعت فِي إنصافه إيَّايَ لَو صحبته، وَانْحَدَرَ أَبُو نصر فِي جملَة من انحدر مَعَه.

فَلَمَّا صَار بالمأمونية قَرْيَة حِيَال سوق الأهواز، وَهُوَ يُرِيد دُخُولهَا من غَد ورد من بَغْدَاد كتاب إِلَى بختكين التركي مولى معز الدولة، الْمَعْرُوف بآزاذرويه، وَكَانَ يتقلد الْحَرْب وَالْخَرَاج، وبالأهواز وكورها، فَقبض عَلَيْهِ، وَقبض على أَمْوَاله، وَقَيده، وَمضى أَبُو نصر إِلَى ضيَاعه، فَأدْخل يَده فِيهَا، وكفي مَا كَانَ من أَمر الْوَزير، واستقرت ضيَاعه فِي يَده إِلَى الْآن.

وأقمت أَنا سِنِين أتظلم من تِلْكَ المحنة الَّتِي ظَلَمَنِي فِيهَا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس، فَمَا أنصفني أحد، وأيست، وَخرجت تِلْكَ الضَّيْعَة من يَدي، فَمَا عَادَتْ إِلَى الْآن.

وَصَحَّ لأبي نصر، بِقِصَّتِهِ، مَا لم يَصح لي، وَكَانَت محنته ومحنتي وَاحِدَة، ففاز هُوَ بتعجيل الْفرج بهَا، من حَيْثُ لم يغلب على ظَنِّي أَن أطلب الْفرج مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>