للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ {٢٣} فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ {٢٤} } [الْقَصَص: ٢٢-٢٤] ، فَهَذِهِ شدَّة أُخْرَى، لحقته بالاغتراب، وَالْحَاجة إِلَى الِاضْطِرَاب فِي الْمَعيشَة والاكتساب، فوفق الله تَعَالَى لَهُ شعيبا، قَالَ الله عز وَجل، فِي تَمام هَذِه الْقِصَّة: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الْقَصَص: ٢٥] .

ثمَّ أخبر الله تَعَالَى فِي هَذِه الْقِصَّة، كَيفَ زوجه شُعَيْب ابْنَته، بعد أَن اسْتَأْجرهُ ثَمَانِي حجج، وَأَنه خرج بأَهْله من عِنْد شُعَيْب، فَرَأى النَّار، فَمضى يقتبس مِنْهَا، فَكَلمهُ الله تَعَالَى، وَجعله نَبيا، وأرسله إِلَى فِرْعَوْن، فَسَأَلَهُ أَن يُرْسل مَعَه أَخَاهُ هَارُون، فَشد الله تَعَالَى عضده بِهِ، وَجعله نَبيا مَعَه، فَأَي فرج أحسن من فرج أَتَى رجلا خَائفًا، هَارِبا، فَقِيرا، قد أجر نَفسه ثَمَانِي حجج، بِالنُّبُوَّةِ وَالْملك؟ قَالَ الله تَعَالَى فِي { [الْأَعْرَاف:] وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [سُورَة الْأَعْرَاف: ١٢٧] ، فَهَذِهِ شدَّة لحقت بني إِسْرَائِيل، فكشفها الله عَنْهُم، قَالَ سُبْحَانَهُ: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {١٢٨} قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>