للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببرذونه إِلَيّ الْكِرَاء، فيكسب عَلَيْهِ مَا يعلفه، وَمَا يُنْفِقهُ هُوَ وَغُلَامه.

فاتفق فِي بعض الْأَيَّام أَن الدَّابَّة لم تكسب شَيْئا، فَبَاتَ هُوَ وَغُلَامه طاويين، قَالَ: ونالنا من الْغَد مثل ذَلِك.

فَقَالَ غلامي: يَا مولَايَ، نَحن نصبر، وَلَكِن الشَّأْن فِي الدَّابَّة، فَإِنِّي أَخَاف أَن تعطب.

قلت: فَأَي شَيْء أعمل؟ لَيْسَ إِلَّا السرج، واللجام، وثيابي، وَإِن بِعْت من ذَلِك شَيْئا، تعطلت عَن الْحَرَكَة، وَطلب التَّصَرُّف.

قَالَ: فَانْظُر فِي أَمرك.

فَنَظَرت، فَإِذا بحصيري خلق، ومخدتي لبنة مغشاة بِخرقَة، أدعها تَحت رَأْسِي، ومطهرة خزف للطهور، فَلم أجد غير منديل دبيقي خلق قد بَقِي مِنْهُ الرَّسْم.

فَقلت للغلام: خُذ هَذَا المنديل، فبعه، واشتر علفا للدابة، وَلَحْمًا بدرهم، واشوه، وجئ بِهِ، فقد قرمت إِلَى أكل اللَّحْم.

فَأخذ المنديل، وَمضى، وَبقيت فِي الدَّار وحدي، وفيهَا شاهمرج قد جَاع لجوعنا، فَلم أشعر إِلَّا بعصفور قد سقط فِي المطهرة الَّتِي فِيهَا المَاء للطهور، عطشا، فَشرب، فَنَهَضَ إِلَيْهِ الشاهمرج، فناهضه، فلضعفه مَا قصر عَنهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>