فَقَالَ لَهُ جَعْفَر: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن سُلَيْمَان أعطي فَشكر، وَإِن أَيُّوب ابْتُلِيَ فَصَبر، وَإِن يُوسُف ظلم فغفر، وَأَنت من ذَلِك السنخ ففكر طَويلا.
ثمَّ رفع رَأسه، فَقَالَ: أَنْت عِنْدِي، يَا أَبَا عبد الله، البريء الساحة، السَّلِيم النَّاحِيَة، الْقَلِيل الغائلة، جَزَاك الله عَن ذِي رَحِمك، أفضل مَا يَجْزِي ذَوي الْأَرْحَام عَن أرحامهم.
ثمَّ تنَاول يَده، فأجلسه على مفرشه، واستدعى بالمنفحة، والمنفخة مدهن كَبِير فِيهِ غَالِيَة، فغلفه بِيَدِهِ، حَتَّى قطرت لحيته.
ثمَّ قَالَ لَهُ: فِي حفظ الله وَفِي كلاءته، يَا ربيع، ألحق أَبَا عبد الله جائزته وَكسوته.
قَالَ: الرّبيع: فتبعته، فَلَمَّا لحقته، قلت لَهُ: إِنِّي رَأَيْت مَا لم تَرَ، وَسمعت مَا لم تسمع، وَرَأَيْت بعد ذَلِك مَا قد رَأَيْت، وَقد رَأَيْتُك تحرّك شفتيك بِشَيْء، فَمَا الَّذِي قلت؟ فَقَالَ: نعم، إِنَّك رجل منا أهل الْبَيْت، وَلَك محبَّة ومودة، اعْلَم أنني قلت: اللَّهُمَّ احرسني بِعَيْنِك الَّتِي لَا تنام، واكنفني بركنك الَّذِي لَا يرام، وأدركني بِرَحْمَتك، واعف عني بقدرتك، لَا أهلك وَأَنت رجائي، رب، كم من نعْمَة أَنْعَمت بهَا عَليّ بن الْحسن، قل لَك عِنْدهَا شكري فَلم تحرمني، وَكم من بلية ابتليتني بهَا، قل لَك عِنْدهَا صبري فَلم تخذلني، فيا من قل عِنْد نعمه شكري فَلم يحرمني، وَيَا من قل عِنْد بليته صبري فَلم يخذلني، يَا من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute