حَتَّى إِذا لم يبْق من التأنيس شَيْء أفْضى إِلَى مساءلتي عَن حَدِيث نصر بن شبث، وَكَيف الطَّرِيق إِلَى الظفر بِهِ، فَأَخْبَرته بِمَا حضرني.
ثمَّ أقبل عَليّ وَقد انبسطت فِي محادثته كل الانبساط، فَقَالَ: أحب أَن تنشدني القصيدة الَّتِي فِيهَا: يَابْنَ بَين النَّار موقدها مَا لحاديه سَرَاوِيل فَقلت: أصلح الله الْأَمِير، قد أربت نِعْمَتك على مِقْدَار همتي، فَلَا تكدرها بِمَا ينغصها.
فَقَالَ: إِنَّمَا أُرِيد الزِّيَادَة فِي تأنيسك، بِأَن لَا تراني متحفظا مِمَّا خفت، وعزم على فِي إنشادها، عزم مجد، فَقلت: يُرِيد أَن تطرأ على سَمعه، فيثور مَا فِي نَفسه، فيوقع بِي.
وَلم أجد من إنشادها بدا، فَأَنْشَدته القصيدة، فَلَمَّا فرغت مِنْهَا، عَاتَبَنِي عتابا سهلا، فَكَانَ مِنْهُ أَن قَالَ: يَا هَذَا، مَا حملك على تكلّف إجَابَتِي؟ فَقلت: الْأَمِير أصلحه الله، حَملَنِي على ذَلِك بقوله:
وَأبي من لَا كفاء لَهُ ... من يسامي مجده قُولُوا
فَقلت: كَمَا تَقول الْعَرَب، وتفتخر السوقة على الْمُلُوك، وَكنت لما بلغت إِلَى قولي:
يَا ابْن بَيت النَّار موقدها ... مَا لحاديه سَرَاوِيل
قَالَ لي: يَابْنَ مسلمة، لقد أحصينا فِي خَزَائِن ذِي اليمينين بعد مَوته،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute