قَالَ: فَرَأَيْت الْمهْدي، وَقد زحف من صدر مُصَلَّاهُ، حَتَّى صَار على الْبسَاط، إعجابا مِنْهُ بِمَا سمع.
ثمَّ قَالَ: كم بَيت هم؟ قَالَ: مائَة بَيت.
فَأمر لَهُ بِمِائَة ألف دِرْهَم، فَكَانَت أول مائَة ألف أعطيها شَاعِر فِي أَيَّام بني الْعَبَّاس.
وَمَضَت الْأَيَّام، وَولي هَارُون الْخلَافَة، فَرَأَيْت مَرْوَان وَقد دخل فِي جملَة الشُّعَرَاء، فأنشده قصيدة امتدحه بهَا.
فَقَالَ لَهُ: من أَنْت؟ قَالَ: عَبدك، وشاعرك، مَرْوَان بن أبي حَفْصَة.
فَقَالَ: أَلَسْت الْقَائِل فِي معن؟ وأنشده الْبَيْتَيْنِ اللَّذين أنشدهما الْمهْدي.
ثمَّ قَالَ: خُذُوا بِيَدِهِ فأخرجوه، فَلَا شَيْء لَهُ عندنَا، فَأخْرج أقبح إِخْرَاج.
فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام، تلطف حَتَّى دخل، فأنشده:
لعمرك مَا أنسى غَدَاة المحصب ... إِشَارَة سلمى بالبنان المخضب
وَقد صدر الْحجَّاج إِلَّا أقلهم ... مصَادر شَتَّى موكبا بعد موكب
قَالَ: فَأَعْجَبتهُ القصيدة، فَقَالَ: كم هِيَ؟ قَالَ: سَبْعُونَ بَيْتا، فَأمر لَهُ بِعَدَد أبياتها ألوفا.
فَصَارَ ذَلِك رسما لَهُ عِنْدهم إِلَى أَن مَاتَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute