للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: خُذ رقعتك، فقد وهبته لَك.

فَقَالَ: أما إِذْ تفضل أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بِهِ، فَإِنَّهُ وَاجِب على أَحْمد بن عُرْوَة، وأشهدك أَنِّي قد وهبته لَهُ.

فاغتاظ الْمَأْمُون، وَخرج عَمْرو وَقد عرف غيظ الْمَأْمُون، وَعلم خطأه فِي عمله، فلجأ إِلَى أَحْمد بن أبي خَالِد، فَأعلمهُ بذلك، وَكَانَ يختصه.

فَقَالَ: لَا عَلَيْك، وَدخل إِلَى الْمَأْمُون.

فَلَمَّا رَآهُ الْمَأْمُون، قَالَ: أَلا تعجب يَا أَحْمد من عَمْرو، وهبنا لَهُ سِتَّة آلَاف ألف دِرْهَم، بعد أَن تجاوزنا لَهُ عَن أضعافها، فَوَهَبَهَا بَين يَدي لِأَحْمَد بن عُرْوَة، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يباريني، ويصغر معروفي؟ فَقَالَ لَهُ أَحْمد: أَو قد فعل ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ فَقَالَ: نعم.

قَالَ: لَو لم يفعل هَذَا، لوَجَبَ أَن يسْقط حَاله.

قَالَ: وَكَيف؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَو اسْتَأْثر بِهِ على أَحْمد بن عُرْوَة، وَأخذ أَحْمد بأَدَاء هَذَا المَال، لَكَانَ قد أخرجه من مَعْرُوفك صفرا، وَلما كَانَت نِعْمَتك على عَمْرو، نعْمَة على أَحْمد، وهما خادماك، فَكَانَ الأجمل أَن يتضاعف مَعْرُوفك عِنْدهمَا، فقصد عَمْرو ذَلِك، فَصَارَ المَال تفضلا مِنْك على عَمْرو، وعَلى أَحْمد بن عُرْوَة، وَمَعَ ذَلِك، فَأَنت سيد عَمْرو لَا يعرف سيدا غَيْرك، وَعَمْرو سيد أَحْمد، فاقتدى فِي أَمر أَحْمد بِمَا فعلت فِي أمره، وَأَرَادَ أَيْضا أَن ينتشر

<<  <  ج: ص:  >  >>