فَجَلَسَ، وأكب مُوسَى على الْكتاب يتشاغل بِهِ عَن خطاب عتاب، وَأصَاب عتاب برد المروحة والخيش، فَنَامَ واستثقل.
وَكَانَ عتاب قد أخرج التوقيع حِين جلس، فَوَضعه على دَوَاة مُوسَى، فغمز مُوسَى بعض غلمانه فَأخذ الْكتاب فغيبه.
وَمَا زَالَ عتاب ينَام مرّة وينتبه أُخْرَى، ومُوسَى يعْمل، إِلَى أَن اتقضت الهاجرة، وَقد توجه لمُوسَى بعض المَال، وأنفذ أَصْحَابه لقبضه.
فَقَالَ لَهُ عتاب: انْظُر فِيمَا جِئْنَا لَهُ.
قَالَ: قل أصلحك الله فيمَ جِئْت؟ قَالَ: فِيمَا تضمن التوقيع.
قَالَ: وَأي توقيع؟ قَالَ: الَّذِي أوصلته إِلَيْك من أَمِير الْمُؤمنِينَ.
قَالَ: مَتى؟ قَالَ: السَّاعَة وَضعته على الدواة.
فَقَالَ لَهُ: قد نمت نومان، وأظن أَنَّك رَأَيْت فِي نومك شَيْئا.
فَطلب عتاب التوقيع، فَلم يجده، فَقَالَ: سرق وَالله التوقيع، يَا أَصْحَاب الْأَخْبَار، اكتبوا.
فَقَالَ مُوسَى: يَا أَصْحَاب الْأَخْبَار، اكتبوا، كذب فِيمَا ادَّعَاهُ، مَا أوصل إِلَيّ توقيعا، وَأَنْتُم حاضرون، فَهَل رَأَيْتُمُوهُ أوصل إِلَى توقيعا؟ قُم فَانْظُر لَعَلَّك يَا أَبَا مُحَمَّد ضيعت التوقيع فِي طريقك.
فَانْصَرف عتاب إِلَى عبيد الله فَأخْبرهُ بذلك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute