فصاح بِي: يَا مُحَمَّد.
فَكرِهت أَن آتيه، فَيبلغ الْحجَّاج، فأقع مَعَه فِي مَكْرُوه، ثمَّ تذممت أَن لَا أدنو مِنْهُ، فدنوت.
فَقلت: حَاجَتك؟ فَقَالَ: إِنَّك وليت مني مثل هَذَا، فأحسنت، ولي عِنْد فلَان مائَة ألف دِرْهَم، فَخذهَا مِنْهُ برسالتي إِلَيْهِ.
فَقلت: وَالله، لَا أخذت مِنْك شَيْئا، وَأَنت على هَذِه الْحَال.
فَقَالَ: أما إِذْ أَبيت، فاستمع مني، أحَدثك حَدِيثا سمعته من أهل دينك، عَن نبيك، سمعتهم يَقُولُونَ، إِنَّه قَالَ: إِذا أَرَادَ الله تَعَالَى بالعباد خيرا، أمطرهم الْمَطَر فِي أَوَانه، وَاسْتعْمل عَلَيْهِم خيارهم، وَجعل المَال فِي سمحائهم، وَإِذا أَرَادَ بهم شرا، أمطرهم الْمَطَر فِي غير أَوَانه وَاسْتعْمل عَلَيْهِم شرارهم، ومول بخلاءهم، ثمَّ مضى.
وأتيت منزلي، فَمَا وضعت ثِيَابِي حَتَّى أَتَانِي رَسُول الْحجَّاج، وَقد بلغه مَا جرى.
فخفته خوفًا شَدِيدا، وَوَقعت فِي أَمر عَظِيم، فَأَتَيْته وَقد اخْتَرَطَ سَيْفه، وَهُوَ فِي حجره منتضى.
فَقَالَ لي: ادن.
فَقلت: مَا بِي دنو، وَفِي حجر الْأَمِير السَّيْف.
فَضَحِك، وَقَالَ: مَا قَالَ لَك الْخَبيث؟ فَقلت لَهُ: وَالله مَا غششتك مُنْذُ استنصحتني، وَلَا خنتك مُنْذُ ائتمنتني، وَلَا كذبتك مذ صدقتني، وأخبرته بِمَا قَالَ.
فَلَمَّا أردْت ذكر الرجل الَّذِي عِنْده المَال، صرف وَجهه عني، وَقَالَ: لَا تسمه، لقد سمع عَدو الله الْأَحَادِيث، انْصَرف راشدا.
فَانْصَرَفت آمنا، وَقد زَالَ خوفي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute