للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفوك بذلك، فَإِذا عقلك وكلامك يشبه كَلَام الْعَوام وعقلهم، فَالله الْمُسْتَعَان.

أما قَوْلك فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ، وإزعاجه لي من دَاري، وإخراجه إيَّايَ إِلَى بَابه على هَذِه الصُّورَة، فَأَنا على ثِقَة بِاللَّه عز وَجل، الَّذِي بِيَدِهِ نَاصِيَة أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَلَا يملك مَعَه لنَفسِهِ، وَلَا لغيره، ضرا وَلَا نفعا، إِلَّا بِإِذن الله ومشيئته، وَلَا ذَنْب لي عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ أخافه، وَبعد، فَإِذا عرف أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمْرِي، وَعلم سَلامَة جَانِبي، وَصَلَاح ناحيتي، وَأَن الْأَعْدَاء والحسدة، رموني عِنْده بِمَا لست فِي طَرِيقه، وَتَقولُوا عَليّ الأباطيل الكاذبة، لم يسْتَحل دمي، وتحرج من أذاي وإزعاجي، فردني مكرما، أَو أقامني بِبَابِهِ مُعظما، وَإِن كَانَ سبق فِي قَضَاء الله تَعَالَى، أَنه يبدر إِلَيّ ببادرة سوء، وَقد حضر أَجلي، وحان سفك دمي على يَده، فَلَو اجتهدت الْمَلَائِكَة والأنبياء وَأهل السَّمَوَات وَالْأَرْض، على صرف ذَلِك عني، مَا اسْتَطَاعُوا، فَلم أتعجل الْهم، وأتسلف الفكرة وَالْغَم، فِيمَا قد فرغ الله مِنْهُ، وَأَنا حسن الظَّن بِاللَّه الَّذِي خلق ورزق، وَأَحْيَا وأمات وَفطر وجبل، وَأحسن وأجمل، وَأَيْنَ الصَّبْر وَالرِّضَا، والتفويض وَالتَّسْلِيم إِلَى من يملك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَكنت أَحسب أَنَّك تعرف هَذَا، فَإِذا قد عرفت مبلغ فهمك، فَإِنِّي لَا أُكَلِّمك بِكَلِمَة، حَتَّى تفرق بَيْننَا حَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ.

ثمَّ أعرض عني، فَمَا سَمِعت لَهُ لَفْظَة بِغَيْر الْقُرْآن وَالتَّسْبِيح، أَو طلب مَاء أَو حَاجَة تجْرِي مجْرَاه، حَتَّى شارفنا الْكُوفَة فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر بعد الظّهْر، فَإِذا النجب قد استقبلتنا على فراسخ من الْكُوفَة، يتجسسون خبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>