للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحبس معي أَبُو الْمثنى القَاضِي وَمُحَمّد بن دَاوُد الْجراح فِي دَار وَاحِدَة، فِي ثَلَاثَة أَبْيَات متلاصقة، وَكَانَ بَيْتِي فِي الْوسط.

وَكُنَّا آيسين من الْحَيَاة، فَكنت، إِذا جننا اللَّيْل، حدثت أَبَا الْمثنى تَارَة، وَمُحَمّد بن دَاوُد تَارَة، وحدثاني من وَرَاء الْأَبْوَاب، ويوصي كل منا إِلَى صَاحبه، وَنحن نتوقع الْقَتْل سَاعَة بساعة.

فَلَمَّا كَانَ ذَات لَيْلَة، وَقد غلقت الْأَبْوَاب، ونام الموكلون بِنَا، وَنحن نتحدث فِي بُيُوتنَا، إِذْ حسسنا بِصَوْت الأقفال تفتح، فارتعنا، وَرجع كل وَاحِد منا إِلَى صدر بَيته.

فَمَا شعرنَا إِلَّا وَقد فتح الْبَاب عَن مُحَمَّد بن دَاوُد، فَأخْرج، وأضجع ليذبح، فَقَالَ: يَا قوم، ذبحا كَمَا تذبح الشَّاة، أَيْن المصادرات، أَيْن أَنْتُم عَن أَمْوَالِي أفتدي بهَا نَفسِي؟ عَليّ كَذَا وَكَذَا.

قَالَ: فَمَا التفتوا إِلَى كَلَامه، وذبحوه، وَأَنا أرَاهُ من شقّ الْبَاب، وَقد أَضَاء الصحن، وَصَارَ كَأَنَّهُ نَهَار من كَثْرَة الشموع، واحتزوا رَأسه، وأخرجوه مَعَهم، وجروا جثته، فطرحت فِي بِئْر الدَّار، وغلقت الْأَبْوَاب، وَانْصَرفُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>