وَغلب عَليّ النّوم، إِلَى أَن جَاءَ الفراشون، وفرغوا من رش الخيش، وَخَرجُوا وَلم ينبهوني.
وَتَمَادَى بِي النّوم، فَمَا انْتَبَهت إِلَّا بحركة فِي الخيش، فَقُمْت، فَإِذا أَنا قد أمسيت، وَإِذا صَوت نسَاء فِي الخيش، فَعلمت أَنِّي مقتول إِن أحس بِي، وتحيرت فَلم أدر مَا أعمل، فَدخلت البادهنج، وَكَانَ ضيقا، فَجعلت رجْلي على حائطي البادهنج وتسلقت فِيهِ، ووقفت مُعَلّقا، أترقب أَن يفْطن لي، فأقتل.
وَإِذا بنسوة فراشات يكنسن الخيش، فَلَمَّا فرغن من ذَلِك فرشنه، وعبي فِيهِ مجْلِس الشَّرَاب.
وَلم يكن بأسرع من أَن جَاءَ المقتدر بِاللَّه، وعدة جواري، فَجَلَسَ وجلسن وَأخذ الْجَوَارِي فِي الْغناء، وَأَنا أسمع ذَلِك كُله، وروحي تكَاد تخرج، فَإِذا أعييت، نزلت فَجَلَست فِي أَرض البادهنج، فَإِذا استرحت، وَخفت أَن يفْطن بِي، عدت فتسلقت، إِلَى أَن مَضَت قِطْعَة من اللَّيْل، ثمَّ عَن للمقتدر أَن جذب إِلَيْهِ حظيته الَّتِي هِيَ صَاحِبَة تِلْكَ الدَّار، فَانْصَرف بَاقِي الْجَوَارِي، وخلا الْموضع، فواقع المقتدر بِاللَّه الْجَارِيَة، وَأَنا أسمع حركتهما وكلامهما، ثمَّ نَامَا فِي مكانهما، وَلَا سَبِيل لي إِلَى النّوم لَحْظَة وَاحِدَة، لما أقاسي من الْخَوْف.
ففكرت فِي أَن أخرج وأصعد إِلَى بعض السطوح، ثمَّ علمت أَنِّي إِن فعلت ذَلِك، تعجلت الْقَتْل، وَلم يجز أَن أنجو.
فَلم تزل حَالي تِلْكَ إِلَى أَن انتبه المقتدر بِاللَّه فِي السحر، وَخرج من الْموضع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute