على الْغُلَام، وعَلى نَفسه مِمَّا يعرفهُ الْغُلَام، أَن يكون قد دلّ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ: وَيحك، وَقعت فِي أَيْديهم؟ فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: من هم؟ هَات رجلك حَتَّى أكسر قيودك، وَتقوم فَتدخل بَغْدَاد.
فَقَالَ لَهُ: وَأَيْنَ الرجالة الموكلون بِي؟ فَقَالَ: يَا مولَايَ قد فرج الله عز وَجل عَنْك، وهربت الرجالة.
قَالَ: فَمَا السَّبَب؟ قَالَ: إِن الْأَعْرَاب الَّذين كنت صفعت مِنْهُم وَاحِدًا، وطالبتهم بالخراج، كبسوا البارحة دَار العمالة، وَعِنْدهم أَنَّك أَنْت الْعَامِل، وَكَانُوا قد عمِلُوا على قَتلك، وَلم يكن عِنْدهم خبر صرفك، وَلَا خبر وُرُود هَذَا الْعَامِل، فَقَتَلُوهُ على أَنه أَنْت، وَقد هرب أَصْحَابه، وَأهل الْبَلَد كَافَّة، فَقُمْ حَتَّى نمشي إِلَى بَغْدَاد، لَا يبلغهم خبر كونك هُنَا، فيقصدوك، ويقتلوك.
فَكسر الْقَيْد، وَقَامَ هُوَ وَغُلَامه، يمشيان على غير جادة، إِلَى أَن بعدا، ودخلا قَرْيَة، واستأجرا مِنْهَا مَا ركبا إِلَى بَغْدَاد.
وَلَقي المصروف الْوَزير، وشنع على الْمَقْتُول، وَقَالَ: قد أفسد النَّاحِيَة، وأثار فتْنَة مَعَ الْعَرَب، فأقره الْوَزير على النَّاحِيَة، وَضم إِلَيْهِ جَيْشًا.
فَعَاد إِلَى كوثى، وتحصن بالجيش، وساس أمره مَعَ الْعَرَب، إِلَى أَن صَالحهمْ، وَحط لَهُم من الْخراج عَمَّا كمان طالبهم بِهِ، وأجرى أَمرهم على رسومهم، وَسَكنُوا إِلَيْهِ وَسكن إِلَيْهِم، وَزَالَ خَوفه واستقام لَهُ أَمر عمله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute