للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ قَالَ لَهَا: أَتَأْذَنِينَ لي أَن آتِي الأكمة، فأتشرق عَلَيْهَا؟ فقد أضرّ بِي الْبرد.

فَقَالَت لَهُ: نعم، وَكَانَت عَلَيْهِ جُبَّة حبرَة، لم يتْرك عَلَيْهِ غَيرهَا.

فَمشى فِي قيوده حَتَّى صعد الأكمة، ثمَّ أقبل يضْرب ببصره نَحْو الْيمن، وتغشاه عِبْرَة، فَبكى، ثمَّ رفع طرفه إِلَى السَّمَاء، فَقَالَ: اللَّهُمَّ فاطر السَّمَاء فرج لي مِمَّا أَصبَحت فِيهِ.

فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك، إِذْ عرض لَهُ رَاكب يسير، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَن أقبل، فَأقبل عَلَيْهِ الرَّاكِب، فَقَالَ لَهُ: مَا حَاجَتك؟ قَالَ: أَيْن تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيد الْيمن.

قَالَ: وَمن أَنْت؟ قَالَ: أَبُو الطمحان القيني، فاستعبر قيسبة.

فَقَالَ أَبُو الطمحان: من أَنْت؟ فَإِنِّي أرى عَلَيْك سِيمَا الْخَيْر ولباس الْمُلُوك، وَأَنت بدار لَيْسَ فِيهَا ملك.

فَقَالَ: أَنا قيسبة بن كُلْثُوم السكونِي، خرجت عَام كَذَا وَكَذَا حَاجا، فَوَثَبَ عَليّ أهل هَذَا الْحَيّ، وصنعوا بِي مَا ترى وكشف لَهُ عَن أغلاله وقيوده، فاستعبر لَهُ أَبُو الطمحان.

فَقَالَ لَهُ قيسبة: هَل لَك فِي مائَة نَاقَة حَمْرَاء؟ قَالَ: مَا أحوجني إِلَى ذَلِك.

<<  <  ج: ص:  >  >>