فَإِن كَانَ فِي دَاره قَالُوا لمن جَاءَ يطلبني: إِنَّه فِي دَار الْأَمِير، وَإِن كَانَ فِي دَار الْأَمِير، قَالُوا للرسل: إِنَّه فِي دَار شُجَاع، مدافعة عني حَتَّى أهرب، قَالَ: فقصصت عَلَيْهِ الرُّؤْيَا، فتضاحك، وَقَالَ: مَا ظننتك بِهَذِهِ الْغَفْلَة، نَحن فِي الْيَقَظَة على مَا ترى، كَيفَ يَصح لنا خبرك فِي مَنَامك؟ هَذَا إِنَّمَا نمت وَأَنت تتمنى خلاصي، فَرَأَيْت ذَلِك فِي مَنَامك.
فَخرجت من عِنْده أُرِيد دَاري، فلقيني جمَاعَة فِي الطَّرِيق، فعرفوني أَن الأتراك قد ركبُوا بِالسِّلَاحِ، فعدت إِلَى منزلي، وأغلقت بَابي، ووصيت عيالي بِحِفْظ الدَّار، ثمَّ عدت، فَدخلت إِلَى الْحسن، فَأَخْبَرته بالْخبر، فَأمر بمراعاة الْأَمر.
فَمَا زلنا نتعرف الْأَخْبَار، سَاعَة بساعة، إِلَى أَن جَاءَ النَّاس فعرفونا أَن الأتراك قتلوا شجاعا، ثمَّ دخل رجل، فَقَالَ: أَنا رَأَيْت السَّاعَة رَأس أوتامش، وَصَحَّ الْخَبَر بِقَتْلِهِمَا جَمِيعًا.
ونهبت سامراء كلهَا، فَمَا أفلت أحد من النهب أحسن من إفلات الْحسن بن مخلد؛ لِأَن مَاله كُله كَانَ قد حصل عِنْد القواد وكتابهم، فَلم يضع مِنْهُ شَيْء، وَكَانَ متعطلا، فَلم يقْصد النهابة دَاره، وَمَا أمسينا إِلَّا فِي أتم سرُور وَفَرح؛ لِأَنَّهُ فرج عَنَّا بِمَا لم يكن فِي حسابنا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute