فَرَأَيْت لَيْلَة فِي مَنَامِي أبي، وَكَأَنَّهُ يَقُول لي: وَيحك يَا بني، أما تَسْتَحي من الله، أَن تتشاغل بأعمالك، وَالنَّاس ببابك يتلفون ضرا وهزالا؟ هُوَ ذَا فلَان، شيخ من شُيُوخ الْكتاب، قد أفْضى أمره إِلَى أَن تقطع سراويله، فَمَا أمكنه أَن يَشْتَرِي بدله، أحب أَن لَا تغفل أمره أَكثر من هَذَا.
فانتبهت مُتَعَجِّبا، واعتقدت الْإِحْسَان إِلَى الشَّيْخ من غَد، ونمت، فَأَصْبَحت وَقد أنسيت أمره.
فركبت إِلَى دَار خمارويه بن أَحْمد، فَإِنِّي لأسير إِذْ ترَاءى لي الشَّيْخ على دويبة لَهُ ضَعِيفَة، فَأَهوى ليترجل لي، فانكشف فَخذه، فَإِذا هُوَ لابس خفا بِلَا سَرَاوِيل.
فحين وَقعت عَيْني على ذَلِك ذكرت الْمَنَام، فَقَامَتْ قيامتي، فوقفت فِي موضعي، واستدعيته، فَقلت لَهُ: يَا هَذَا، مَا حل لَك مَا صنعت بِنَفْسِك من تَركك إذكاري بِأَمْرك، أما كَانَ فِي الدُّنْيَا من يُوصل لَك رقْعَة، أَو يُخَاطب فِي أَمرك؟ الْآن قد قلدتك النَّاحِيَة الْفُلَانِيَّة، ورزقتك رزقها وَهُوَ فِي كل شهر مِائَتَا دِينَار، وأطلقت لَك من خزانتي ألف دِينَار مَعُونَة، وَأمرت لَك من الثِّيَاب والحملان بِكَذَا وَكَذَا، فاقبض ذَلِك واخرج، فَإِن حسن أثرك فِي عَمَلك، زدتك، وَفعلت بك وصنعت.
وضممت إِلَيْهِ من يتنجز لَهُ ذَلِك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute