فَقَالَ لي: قُم على كل حَال، فقمنا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَأخْبرهُ سُلَيْمَان بِمَا رأى.
فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا، أَنْت أجسر النَّاس، وأشدهم جِنَايَة على نَفسك وعلينا، إِنَّمَا تُرِيدُ أَن يسمع هَذَا فنقتل.
فَقَالَ لَهُ: فتكتب هَذِه الرُّؤْيَا عنْدك، لتمتحن صدقهَا.
فنفر، وَقَالَ: أَنا لَا أكتب مثل هَذَا، فكتبته أَنا فِي رقْعَة صَغِيرَة.
فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثَّلَاثِينَ، دخل عَليّ أَحْمد بن إِسْرَائِيل، فَقَالَ لي: يَا أَبَا الْحسن، هَذَا يَوْم الثَّلَاثِينَ، فأخرجت الرقعة، فَإِذا هُوَ قد حفظ الْيَوْم، وَمضى يَوْمنَا إِلَى آخِره.
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل، لم نشعر إِلَّا وَالْبَاب يدق دقا شَدِيدا، وَصَاح بِنَا صائح: الْبُشْرَى، قد مَاتَ الواثق، اخْرُجُوا.
فَقَالَ أَحْمد بن إِسْرَائِيل: قومُوا بِنَا، فقد حقق الله الرُّؤْيَا، وأتانا بالفرج، وصدقت الرُّؤْيَا.
فَقَالَ سُلَيْمَان بن وهب: كَيفَ نمشي مَعَ بعد مَنَازلنَا؟ وَلَكِن نوجه من يجيئنا بِمَا نركب.
فاغتاظ أَحْمد بن إِسْرَائِيل، وَقَالَ: نعم، نقعد، حَتَّى يجلس خَليفَة آخر، فَيُقَال لَهُ: إِن فِي الْحَبْس جمَاعَة من الْكتاب عَلَيْهِم أَمْوَال، فيأمر بالتوثيق منا، إِلَى أَن ينظر فِي أمرنَا، قُم عافاك الله، حَتَّى نمر.
فَخرج، وَخَرجْنَا على أَثَره.
فَقبل أَن نخرج من بَاب الهاروني، سمعنَا رجلَيْنِ يَقُول أَحدهمَا للْآخر: سَأَلَ الْخَلِيفَة جَعْفَر المتَوَكل عَمَّن فِي الْحَبْس، فَقيل: فِيهِ جمَاعَة من الْكتاب،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute