للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا، وَأَنا مُمْتَنع، إِلَى أَن مضى صدر من اللَّيْل.

فلقيني الطَّائِف، فَقبض عَليّ، ووجدني غَرِيبا، فَأنْكر حَالي، فَسَأَلَنِي عَن خبري، فَقلت: رجل ضَعِيف، فَلم يصدقني، وبطحني، وضربني مقارع.

فَصحت: أَنا أصدقك.

فَقَالَ: هَات.

فقصصت عَلَيْهِ قصتي من أَولهَا إِلَى آخرهَا، وَحَدِيث الْمَنَام.

فَقَالَ لي: أَنْت رجل مَا رَأَيْت أَحمَق مِنْك، وَالله لقد رَأَيْت مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سنة، فِي النّوم، كَأَن رجلا يَقُول لي: بِبَغْدَاد فِي الشَّارِع الْفُلَانِيّ، فِي الْمحلة الْفُلَانِيَّة، فَذكر شارعي، ومحلتي، فَسكت، وأصغيت إِلَيْهِ، وَأتم الشرطي الحَدِيث، فَقَالَ: دَار يُقَال لَهَا: دَار فلَان، فَذكر دَاري، واسمي، فِيهَا بُسْتَان، وَفِيه سِدْرَة، وَكَانَ فِي بُسْتَان دَاري سِدْرَة، وَتَحْت السِّدْرَة مدفون ثَلَاثُونَ ألف دِينَار، فَامْضِ، فَخذهَا، فَمَا فَكرت فِي هَذَا الحَدِيث، وَلَا الْتفت إِلَيْهِ، وَأَنت يَا أَحمَق، فَارَقت وطنك، وَجئْت إِلَى مصر بِسَبَب مَنَام.

قَالَ: فقوي بذلك قلبِي، وأطلقني الطَّائِف، فَبت فِي بعض الْمَسَاجِد، وَخرجت مَعَ السحر من مصر، فَقدمت بَغْدَاد، فَقطعت السِّدْرَة، وأثرت تحتهَا، فَوجدت قمقما فِيهِ ثَلَاثُونَ ألف دِينَار، فَأَخَذته، وَأَمْسَكت يَدي، ودبرت أَمْرِي، فَأَنا أعيش من تِلْكَ الدَّنَانِير، من فضل مَا ابتعت مِنْهَا من ضَيْعَة وعقار إِلَى الْيَوْم.

<<  <  ج: ص:  >  >>