عَنْك فأنسيتك، وَمَا عرفك أحد، وَالرسل مبثوثة فِي طَلَبك، فَكُن بمكانك، ثمَّ رَجَعَ فَدخل، فَلم يكن بأسرع من أَن دعِي بِي، فَدخلت إِلَى عَليّ بن عِيسَى.
فَقَالَ لي: مَا اسْمك؟ قلت: فلَان بن فلَان الْعَطَّار.
قَالَ: من أهل الكرخ؟ قلت: نعم.
قَالَ: أحسن الله إِلَيْك فِي قصدك إيَّايَ، فوَاللَّه مَا تهنأت بعيش مُنْذُ البارحة، فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جَاءَنِي البارحة فِي مَنَامِي، فَقَالَ: أعْط فلَان بن فلَان الْعَطَّار من أهل الكرخ أَربع مائَة دِينَار يصلح بهَا شَأْنه، فَكنت الْيَوْم فِي طَلَبك، وَمَا عرفك أحد.
فَقلت: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جَاءَنِي البارحة، فَقَالَ لي كَيْت وَكَيْت.
قَالَ: فَبكى عَليّ بن عِيسَى، وَقَالَ: أَرْجُو أَن تكون هَذِه عناية من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِي.
ثمَّ قَالَ: هاتوا ألف دِينَار، فجاءوه بهَا عينا.
فَقَالَ: خُذ مِنْهَا أَربع مائَة دِينَار، امتثالا لأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وست مائَة دِينَار هبة مني لَك.
فَقلت: أَيهَا الْوَزير مَا أحب أَن أزداد على عَطاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا، فَإِنِّي أَرْجُو الْبركَة فِيهِ، لَا فِيمَا عداهُ.
فَبكى عَليّ بن عِيسَى، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْيَقِين، خُذ مَا بدا لَك.
فَأخذت أَربع مائَة دِينَار، وانصرفت، فقصصت قصتي على صديق لي، وأريته الدَّنَانِير، وَسَأَلته أَن يقْصد غرمائي، ويتوسط بيني وَبينهمْ، فَفعل.
وَقَالُوا: نمهله بِالْمَالِ ثَلَاث سِنِين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute