للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا مَاتَ أبي اخْتَلَّ أمرهَا، وَبلغ تجني، أم ولد الْوَزير المهلبي خَبَرهَا، فَكَانَت تقوم بأمرها، وأجرت عَلَيْهَا جراية فِي كل شهر، وَكِسْوَة فِي كل سنة.

فباتت لَيْلَة من اللَّيَالِي على حَالهَا، وأصبحت من الْغَد، وَقد برأت، ومشت، وَقَامَت، وَقَعَدت.

وَكنت مجاورا لَهَا، وَكنت أرى النَّاس يأْتونَ بَاب دارها، فأنفذت امْرَأَة من دَاري، ثِقَة، حَتَّى شاهدتها، وَسمعتهَا تَقول: إِنِّي ضجرت بنفسي ضجرا شَدِيدا، فدعوت الله تَعَالَى بالفرج مِمَّا أَنا فِيهِ، أَو الْمَوْت، وبكيت بكاء شَدِيدا مُتَّصِلا، وَبت وَأَنا متألمة، قلقة، ضجرة، وَكَانَ سَبَب ذَلِك، أَن الْجَارِيَة الَّتِي كَانَت تخدمني تضجرت بِي، وخاطبتني بِمَا ضَاقَ صَدْرِي مَعَه.

فَلَمَّا استثقلت فِي نومي رَأَيْت كَأَن رجلا دخل عَليّ، فارتعت مِنْهُ، وَقلت لَهُ: يَا هَذَا، كَيفَ تستحل أَن تراني؟ فَقَالَ: أَنا أَبوك، فظننته أَمِير الْمُؤمنِينَ.

فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هُوَ ذَا ترى مَا أَنا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>