أَن يرد الْمُطِيع لله، أَو جَيش لَهُ إِلَى الْبَصْرَة، فيملكوها، ويتسلمون مِنْهُ أَبَا الْقَاسِم البريدي، وَكَانَت الْقِصَّة الْمَشْهُورَة فِي ذَلِك.
فبلغني ذَلِك، فخلوت بِأبي أَحْمد، وَكنت أكتب لَهُ حِينَئِذٍ، وَكَانَ لَا يحتشمني فِي أُمُوره، وثنيته عَن هَذَا الرَّأْي، وعرفته وُجُوه الْغَلَط فِيهِ، والمخاطرة بدمه وَنعمته، وَهُوَ غير قَابل لمشورتي، إِلَى أَن أكثرت عَلَيْهِ.
فَقَالَ لي: اعْلَم أنني قد رَأَيْت رُؤْيا أَنا بهَا واثق فِي تَمام مَا قد شرعت فِيهِ من الْقَبْض على هَذَا الرجل.
فعجبت فِي نَفسِي من رجل يُخَالف الحزم الظَّاهِر، والرأي الْوَاضِح، من أجل مَنَام، ثمَّ قلت لَهُ: مَا الرُّؤْيَا؟ فَقَالَ: رَأَيْت كَأَن حَيَّة عَظِيمَة، قد خرجت عَليّ من حَائِط هَذَا العرضي، قَالَ: وَكَانَ جَالِسا فِي عرضي دَاره، قَالَ: فَكَأَنِّي قد رميتها، فأثبتها فِي الْحَائِط.
فحين قَالَ أَبُو أَحْمد: أثبتها فِي الْحَائِط، ذكرت تَأْوِيل مَنَام ابْن الزبير، وقص الْمَنَام الَّذِي ذكرته، فَسبق إِلَى قلبِي، أَن تَأَول مَنَام أبي أَحْمد، أَنه قد أثبت عدوه فِي حَائِطه، وَأَن عدوه سيغلبه على الْبَلَد.
قَالَ: فَأَمْسَكت، وَقطعت الْكَلَام، فَمَا مَضَت إِلَّا مُدَّة يسيرَة، حَتَّى شاع التَّدْبِير، وَصَحَّ الْخَبَر بِهِ عِنْد أبي الْقَاسِم البريدي، فبادر إِلَى الْقَبْض على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute