للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: علمي بأنك رجل عَاقل، وَلَيْسَ بَيْننَا عَدَاوَة، وَلَا مُطَالبَة بذحل، وَأَنت تعلم أَنَّك إِن قتلتني لم يكن ذَلِك سَببا لِأَن يسلم إِلَيْك أهل الصين ملكهم، وَلم يمنعهُم قَتْلِي من أَن ينصبوا لأَنْفُسِهِمْ ملكا غَيْرِي، ثمَّ تنْسب أَنْت إِلَى غير الْجَمِيل، وضد الحزم.

فَأَطْرَقَ الْإِسْكَنْدَر، وَعلم أَنه رجل عَاقل، فَقَالَ: الَّذِي أريده مِنْك، ارْتِفَاع مملكتك لثلاث سِنِين عَاجلا، وَنصف ارتفاعها فِي كل سنة.

قَالَ: هَل غير ذَلِك شَيْء؟ قَالَ: لَا قَالَ: قد أَجَبْتُك.

قَالَ: فيكف يكون حالك حِينَئِذٍ؟ قَالَ: أكون قَتِيل أول محَارب، وأكلة أول مفترس.

قَالَ: فَإِن قنعت مِنْك بارتفاع ثَلَاث سِنِين، كَيفَ يكون حالك؟ قَالَ: أصلح مِمَّا كَانَت، وأفسح مُدَّة.

قَالَ: فَإِن قنعت مِنْك بارتفاع سنة؟ قَالَ: يكون ذَلِك كمالا لأمر ملكي، وموفيا لجَمِيع لذاتي.

قَالَ: فَإِن اقتصرت مِنْك على ارْتِفَاع السُّدس؟ قَالَ: يكون السُّدس موفرا، وَيكون الْبَاقِي للجيش ولسائر الْأَسْبَاب.

قَالَ: قد اقتصرت مِنْك على هَذَا، فشكره، وَانْصَرف.

فَلَمَّا طلعت الشَّمْس، أقبل جَيش ملك الصين حَتَّى طبق الأَرْض، وأحاط بِجَيْش الْإِسْكَنْدَر حَتَّى خَافُوا الْهَلَاك، وتواثب أَصْحَابه فَرَكبُوا، واستعدوا للحرب.

فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ طلع ملك الصين، وَعَلِيهِ التَّاج، وَهُوَ رَاكب،

<<  <  ج: ص:  >  >>