فَقَالَ: لَا أعرف لَك عملا أولى بك من بزبندات الْبَحْر، وصدقات الْوَحْش.
فَقَالَ لَهُ: أكتبه لي، فَكَتبهُ لي مخلد , فَعرض الشيعي الرقعة على الْمَأْمُون، وَسَأَلَ تَقْلِيده ذَلِك الْعَمَل.
فَقَالَ لَهُ: من كتب لَك هَذِه الرقعة؟ فَقَالَ: شيخ من الْكتاب، يحضر الدَّار فِي كل يَوْم.
فَقَالَ: هلمه.
فَلَمَّا دخل، قَالَ لَهُ الْمَأْمُون: مَا هَذَا يَا جَاهِل؟ تفرغت لِأَصْحَابِي؟ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَصْحَابنَا هَؤُلَاءِ ثِقَات يصلحون لحفظ مَا يصل إِلَى أَيْديهم من الخزائن وَالْأَمْوَال، وَأما شُرُوط الْخراج، وَحكمه، وَمَا يجب تَعْجِيل استخراجه، وَمَا يجب تَأْخِيره، وَمَا يجب إِطْلَاقه، وَمَا يجب مَنعه، وَمَا يجب إِنْفَاقه، وَمَا يجب الاحتساب بِهِ، فَلَا يعرفونه، تقليدهم يعود بذهاب الِارْتفَاع، فَإِن كنت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تثق بِنَا، فضم إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم رجلا منا، فَيكون الشيعي بِحِفْظ المَال، وَنحن نجمعه.
فاستطاب الْمَأْمُون رَأْيه وَكَلَامه، وَأمر بتقليد عُمَّال السوَاد وَكتابه، وَأَن يضم إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم، وَاحِدًا من الشِّيعَة، وَضم مخلد إِلَى ذَلِك الشَّيْخ، وقلده نَاحيَة جليلة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute