فحللته، وجففته، وثقلته، حَتَّى رَجَعَ واستوى، أَكثر مَا يُمكن من مثله، وجلدته، وتأنقت فِي التجليد.
فَلَمَّا فرغت مِنْهُ؛ جِئْت إِلَى الْحَاجِب لأسلمه إِلَيْهِ من بَاب الدَّار وأمضي، فصادفت الْحَاجِب جَالِسا فِي الدهليز، فَسلمت إِلَيْهِ الدفتر.
فَقَالَ: ادخل إِلَيْهِ، وادفعه من يدك إِلَى يَده، فَلَعَلَّهُ يتوقعك، وَلَعَلَّه يَأْمر لَك بِشَيْء.
فَقلت: لَا أُرِيد، فَإِنِّي مستعجل.
فَقَالَ: لَا يجوز، وَلم يدعني حَتَّى دخلت إِلَيْهِ، فَلم أَشك أَن ذَلِك من سوء الِاتِّفَاق عَليّ، الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَكْرُوه، ومشيت فِي الصحن وَأَنا فِي صُورَة عَظِيمَة من الْهم.
فَوجدت أَبَا عبد الله جَالِسا على بركَة مَاء فِي صحن دَاره، والغلمان قيام على رَأسه، فأخرجت الدفتر من كمي.
فَقَالَ لأحد غلمانه: خُذْهُ من يَده، وهاته.
فجَاء الْغُلَام من جَانب الْبركَة، وَأَنا من الْجَانِب الآخر، وَمد يَده ليأخذه، فأعطيته إِيَّاه، فَلم يتَمَكَّن فِي يَده، حَتَّى سقط الدفتر فِي الْبركَة، وغاص إِلَى قعرها.
فجن أَبُو عبد الله، وَشتم الْغُلَام، وَقَالَ: مقارع، مقارع.
فحمدت الله، عز وَجل، على استتار أَمْرِي من حَيْثُ لَا أحتسب، وكفايتي مَا كنت أخافه.
وَخرجت، والغلام يضْرب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute